أميركا باللسان الإسرائيلي

ثورة أون لاين: بقلم رئيس التحرير-علي قاسم : قد لا يحتاج القرار الأميركي بإلغاء المؤتمر المقرر حول إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية في هذا التوقيت للكثير من التعليق والشرح، وقد لا يكون من الصعب فهم حيثياته من قبل الخصوم والأصدقاء على حد سواء.

لكن في الوقت نفسه كان من العسير هضمه، ليس لما ينطوي عليه، وهو مفهوم، وإنما في الدوافع والعوامل التي أقنعت إدارة الرئيس أوباما بإلغاء المؤتمر، وهو المقرر منذ وقت طويل وبموافقتها في التوقيت والتاريخ.‏

في الإجابات المتسرعة تقف الكثير من الشواهد على أن ما تستدركه أميركا من مواقف ليس طلباً للغفران وقد فات أوانه، ولا هو سلفة إضافية على الحساب لصالح نتنياهو بعد أن غرق في مناكفة الرئيس أوباما شخصياً، وهو ما يزيد من صعوبة فهم الخلفيات التي تحكم القرار الأميركي.‏

فأميركا هذه الأيام تختصر، وببضعة مواقف، تاريخاً طويلاً ومملاً من المحاباة لإسرائيل، وصل في الكثير من تجلياته إلى حدّ المقامرة بالمصالح الأميركية خدمة لإسرائيل ومصالحها.‏

وتتكثف هذه المحاباة في سياق يكاد أن يترجم كل ما فعلته أميركا من أجل إسرائيل، فيما إدارة الرئيس أوباما تقدّم نفسها كما لم يعرفها أحد طوال السنوات الأربع الماضية حين حاولت أن تتمايز في موقف محاباتها لإسرائيل عن سواها من الإدارات السابقة، وكأنها تستدرك ذلك التمايز في كشف حساب متأخر وربما غير مطلوب بعد أن أمنت جلوسها في البيت الأبيض لأربع سنوات قادمة.‏

واللافت أن ما عارضته في الماضي توافق عليه اليوم، وما وافقت عليه تعود إلى رفضه في موقف يثير أسئلة تحيّر حلفاءها أكثر مما تضيف أي معلومات إلى خصومها، وتُحرج أصدقاءها أكثر مما توجه رسائل إلى أعدائها.‏

ما هو مؤكد أن الإدارة الأميركية تتراكض هذه الأيام بصورة لم نعهدها منها لتأكيد مسلمات لم يشكك أحد فيها، ولم تدخر جهداً في سبيل إقناع العالم بأن ما يصحّ مع إسرائيل لا يصحّ مع غيرها، وما يصحّ مع الآخرين لا يجوز- وقد لا يحقّ للآخرين -أن يسحبوه عليها.‏

هي إسرائيل ربيبة وحليفة في كل الظروف،وحين تشتد أو تتلبد غيوم الظروف وتتهيأ لإمطارنا بعواصفها، تفاجئنا الأعاصير الأميركية بمواقفها، والتمترس خلف البندقية الإسرائيلية وفي خندق دبلوماسيتها، بحيث تصبح إسرائيل خطاً أحمر لا يجوز الاقتراب ولا حتى المساءلة .. مهما اختلف الطرفان أو تبادلا التحدي أو استمرأا التجني على العالم فإن ما يدور في الكواليس غير ما يقال في العلن، وما يطفو على السطح غير الذي يموج في العمق.‏

في عدوان غزة كانت أميركا الحاضن والراعي، حين أفصحت عن بعض تلك الخصوصية، وفي إلغاء مؤتمر هلسنكي تقدم وبالدليل القاطع أن إسرائيل فوق الجميع وما توافق عليه تسخّر أميركا كل جبروتها لتسويقه، وما ترفضه إسرائيل يصبح قراراً أميركياً ناطقاً باللغة الإسرائيلية!!‏

الزوبعة التي أثارها القرار الأميركي لن يطول بها الأمر حتى تهدأ كما هدأت من قبلها زوابع وأعاصير وعواصف، واكتشافات البعض المتأخرة والمترهلة عن الانحياز الأميركي لن تضيف جديداً وقد باتت أسطوانة مشروخة.‏

فالمسألة لا تعالج بالامتعاض ولا بالرفض، ولا بالحديث الممجوج عن الانحياز الأميركي، بل تحتاج إلى مقاربات أخرى مختلفة لو أن هناك نيّات حقيقية وإرادة فعلية لإجراء هذه المقاربات من منطوق المحاججة للفعل الأميركي.‏

فمن يُصدق أن أميركا التي جيّرت العالم وأقنعت المنطقة بأنها على فوهة برميل بارود الخطر النووي، هي التي تعارض وتسحب موافقتها؟!!‏

نحن نصدق.. لأن أميركا حين تنطق باللسان الإسرائيلي هي غير أميركا التي تنطق بأي لسان آخر بما فيه الأميركي ذاته، وبأن موقفها من قاعدتها المتقدمة هو غير موقفها من التابع الصغير والعميل المرتزق والأداة الوضيعة، ويكفي أن تعارض إسرائيل حتى ينتهي كل شيء، فهل «أدواتها ومرتزقتها» العرب يصدقون؟!!‏

 

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
بعد تبرعه بكرسيه المتحرك.. اغتيال موفق هارون يثير صدمة في ريف دمشق عون: لقاءاتي مع الرئيس الشرع كانت إيجابية ونسعى لتطوير العلاقات الذاكرة لا تُحرق.. دعوات أكاديمية لحفظ إرث النظام البائد وتحليله علمياً منتخبنا يلاقي ميانمار إيابا.. تفوق نظري لحسم التأهل المبكر لآسيا 2027 كنان العظمة في "نصف القمر" عندما يتحول المنزل إلى معرض فني نابض بالحياة بلال شوربة.. يجسد صوت الثورة السورية بفنه عندما يُكتب الفساد بالحبر الرسمي.. ملف استيراد القمح نموذجاً بالتعاون  مع "  NRC".. "تربية" حلب تنهي تأهيل مدرسة سليمان الخاطر مزايا متعددة لاتفاقية التعاون بين المركز القطري للصحافة ونادي الإعلاميين السوريين تعزيز التعاون السوري – الياباني في مجالات الإنذار المبكر وإدارة الكوارث   تطبيق السعر المعلن  تطبيقه يتطلب مشاركة التجار على مدى يومين ...دورة "مهارات النشر العالمي" في جامعة اللاذقية مشروع قرار أميركي في مجلس الأمن لرفع العقوبات عن الرئيس الشرع في “60 دقيقة.. الشرع يقدّم نموذج القيادة السورية: صراحة في المضمون وحنكة في الرد إعادة الممتلكات المصادرة  لأصحابها تعيد الثقة بين الحكومة والمواطنين افتتاح مشروع لرعاية أطفال التوحد ومتلازمة داون بمعرة مصرين "تموين حلب" تبحث ملفات خدمية مشتركة مع "آفاد" التركية من دمشق إلى أنقرة... طريق جديد للتعاون مشاركة سورية في حدث تكنولوجي عالمي بعد غياب لسنوات