بعد 48 عاماً على صدور قرار الاستملاك.. مجلــس مدينــة حمــاة يتحـــرك للتنفيـــــذ.. حكايـا فسـاد في التخصيص والتســليم تفضحهــا التقاريـــر التفتيشــية والرقابيــة
ثورة أون لاين:
حفاظاً على حقوق المواطنين الذين استملكت عقاراتهم في مدينة حماة سبق صدر القرار رقم 885 بتاريخ 7-1-1988 والذي نص على توزيع جميع المساكن في ضاحية أبي الفداء في محافظة حماة على المستفيدين تمليكاً
حيث توزع نسبة 65% من الشقق السكنية لصالح المواطنين المستفيدين الذين استملكت عقاراتهم وبعدد إجمالي قدره /1435/ شقة كحد أقصى على أن يتم التوزيع بأولوية المالك فالشاغل غير المالك بإجمالي عدد المستفيدين من المواطنين بـ 2105 /مواطنين/ وتخصيص نسبة 35% من الشقق كاستثمار من قبل العاملين في الدولة كسكن عمالي و40 شقة سكنية كإيجار لصالح المنظمات الحزبية والنقابات المهنية.
إذا: التمليلك جاء لصالح المواطنين الذين استملكت عقاراتهم فمن هم الذين تلاعبوا بالقانون ومن ساندهم؟ من استأجر أولاً ثم استثمر ثانياً؟ ثم باع ثالثاً؟ ثم انتقل متجهاً إلى عقارات مستملكة أخرى لينال شقة أخرى طارداً المالك الحقيقي من دائرة الحق الذي منحه له القانون؟
فماذا حدث بعد هذا القرار ؟
عقد اجتماع موسع مع الموظفين الذين تقدموا بطلبات للحصول على سكن وظيفي إضافة لمالكي العقارات المستملكة والتي وجب تخصيصها بشقق سكنية لقاء عقاراتها وتم إجراء قرعة بحيث تم تخصيص كل شاغل بشقة سكنية في ضاحية أبي الفداء وحي البعث، ونظمت محاضر تخصيص قانونية أصبحت بموجبها سندات تمليك لا يجوز المساس بها أو تعديلها أو إلغاؤها إلا بقرار قضائي، إلى أن بدأت أيادي الفساد تمتد خلال السنوات الستة الماضية.. أهي استغلال للظروف التي تمر بها سورية أم بدأت تتجلى أخلاق الفاسدين معلنة عن وجودها بكثافة؟؟ إن كان هذا أم ذاك فإليكم التفاصيل!!
بدأ تخصيص الشقق السكنية لشاغلين لايستحقونها، استثمرت، وأجّرت، وبيعت وعندما انتهى توزيع الشقق في ضاحية أبي الفداء وحي البعث اتجه مجلس مدينة حماة إلى مشروع كان قد أعلن عنه منذ 48 عاماً.
عندما تستغل المناصب !!
عبر الالتفاف على القانون استطاعت كثير من الأسماء ذات النفوذ أن تحصل على شقق سكنية كانت خصصت للمواطنين لقاء استملاك عقاراتهم وهنا لا بد أن نذكر بعض الأسماء التي ما زالت تشغل مناصب حيوية ومهمة: وربما تعمل صحيفة الثورة على ترميز الأسماء لأسباب تتعلق بحماية الصحفي.
يشغل ع.أ منصب الأمين العام للمحافظة إضافة لكونه رئيس لجنة تسوية المنشآت الصناعية القائمة دون ترخيص والخاضعة لبلاغات السيد رئيس مجلس الوزراء.
حصل المذكور على الشقة السكنية رقم /11/ من المحضر/ 4 / في المنطقة العقارية -حي البعث- بصفة الاستثمار مخالفاً بذلك القانون رقم 43 لعام 1982 الذي ينص على أن السكن الوظيفي للوافدين إلى المحافظة وليس لقاطنيها إضافة إلى أن هذه الشقة مخصصة لمالكي العقارات المستملكة بمحاضر تخصيص محفوظة لدى دائرة أملاك المدينة أصولاً وهي كما ذكرنا آنفاً بمثابة سند تمليك.
خلال عام 2015 تم تخصيصه بالشقة المقابلة لشقته التي تحمل الرقم 10 من المحضر /4/ بصفة التملك لقاء عقار مستملك وذلك بالاحتيال على القوانين بالتعاون مع عضو المكتب التنفيذي السابق ع.م.ب.
كيف يتم الاحتيال على القوانين ؟؟
خصصت الشقة كمرحلة أولى للمواطن أ. ص.أ وهو شاغل وهمي غير حقيقي للعقار المستملك رقم 1/450 في المنطقة العقارية الثانية كون الشاغل الحقيقي تم طرده علماً أن قيود العقار لدى المصالح العقارية مصنفة على أنها أملاك عامة وبالتالي لا يجوز التخصيص بشقة سكنية ولا بد للشاغل من دفع أجر المثل.
بعد ذلك ووصولاً إلى الهدف تم التنازل عن الشقة من الشاغل الوهمي إلى زوجة (أ) حيث تم فتح الشقتين على بعضهما مخالفاً شروط العقد الذي يوضح بأنه لا يجوز إجراء أي تعديل على الشقة المخصصة دون موافقة مجلس المدينة.
كما منح خ. خ. وهو يشغل منصب نائب المحافظ والمكلف بالإشراف على عمل مجلس المدينة الشقة رقم 1 من المحضر 161 الجزيرة الثانية ضاحية أبي الفداء بصفة استثمار بشكل غير قانوني كونها مخصصة للمنذرين بالهدم لقاء عقاراتهم المستملكة وقد تملكها بنفس طريقة أ والنائب العام أ.د ومدير العلاقات العامة في المحافظة ح. ع. والعديد من مديري الدوائر الرسمية والتجار وجميعهم تملكوا شققهم لقاء عقارات مستملكة في المنطقة العقارية الثانية وهي أملاك عامة وذلك لقاء مبالغ مالية بلغت خمسة ملايين عن كل شقة سكنية.
القضاء أيضاً
وما زالت هناك نماذج مثبتة برقم العقار بدءاً من رئيس فرع الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بالمحافظة إلى النائب العام إضافة إلى تورط عشرة قضاة عملوا على إخلاء سبيل رئيس مجلس المدينة ومدير المدينة الذي فر هارباً خارج الحدود.. لقاء عدم فتح ملف الشقق السكنية وذلك عبر سحب الموقوفين قبل الإدلاء بأي معلومة حول الملف علماً أن اعترافات رئيس المجلس محفوظة أصولاً لدى الجهات المختصة.
في أيار لعام 2016 صدر مرسوم تشريعي بإعفاء م. ق. من مهمته كرئيس مجلس مدينة حماة على خلفية تورطه برشاوى لقاء المنفعة المادية وتم توقيفه بتهمة التزوير والتلاعب بأوراق رسمية, وفي نيسان الماضي تم حل مجلس مدينة حماة كاملاً برئاسته الجديدة، وكان محافظ حماة محمد الحزوري أكد تحول المجلس إلى مجموعة من الفاسدين الذين تمرسوا في الفساد، متوعداً باتخاذ الإجراءات الحاسمة بحق المكتب التنفيذي المنحل.
التخصيص باطل
على ضوء تقرير الرقابة والتفتيش، الذي خلص إلى بطلان تخصيص تلك الشقق لغير مستحقيها وطالب مجلس المدينة بإخلائهم منها وتســليمها لمستحقيها الفعليين؟ فقد أصدر المكتب التنفيذي لمجلس المدينة بتاريخ 22/8/2016 القرار رقم 21/381/ القاضي بضرورة إخلاء /350/ شقة سكنية المخصصة بموافقات، نظراً لأن الحالة الأمنية في المحافظة مستقرة ولحاجة مجلس مدينة حماة لهذه الشقق لاستكمال إجراءات فتح الشوارع في مكان آخر.
وذكرت مصادر مجلس المدينة أنه يوجد حالياً زهاء 350 شقة سكنية في أحياء الزنبقي وغرب المشتل وطريق حلب وضاحيتي أبي الفداء والبعث، خصّصت للمواطنين المتضّررين بدلاً من عقاراتهم المستملكة، وبسبب الظروف السابقة تم تسليم 100 لمواطنين تضرّرت منازلهم في مشاع حي السبيل وبموجب عقد سنوي، وسيسلّمون هذه الشقق فور تسليمهم لأراضيهم.
وقد تم إشغال الشقق المتبقية وهي 250 شقة للمديرين والمتنفذين بسبب الظروف غير المستقرة بداية الأزمة، وحالياً بعد استقرار هذه الأوضاع تمت مراسلة جهاز الرقابة المالية ووزارة الإدارة المحلية بضرورة إعطاء الشقق السكنية لمستحقيها الفعليين، وتم إرسال قائمة بـ 33 شقة بإخلائها فوراً في عام 2015 عن طريق قسم الشرطة المدنية والنائب العام.
ورغم صدور قرار من المكتب التنفيذي لمجلس المدينة في 22/8/2016 وإقراره من المجلس لم يتم إخلاء الشقق المتبقية من الشاغلين الذين ليست من حقهم، حرصاً على المال العام وعلى مصلحة المتضرّرين، حيث كان مجلس مدينة حماة في كل جلسة يطالب بعدم إعطاء الشقق إلا لمن يستحقها.
وتم تخصيص رؤساء مجالس المدينة والمحافظين، بـ 60 شقة وهي ليست من حقهم، وصدرت توصية الجهاز المركزي للرقابة المالية والبعثة التفتيشية ليؤكدا عدم قانونية إبقاء هذه الشقق مؤجّرة أو مستثمرة على هذا الشكل، لأن ذلك يعد هدراً للمال العام.
بعد كل هذه التقارير التفتيشية والرقابية لم تعد الحقوق لأصحابها، وتم الاكتفاء بإعفاء (ق) رئيس مجلس مدينة حماة الأسبق دون عقوبات, وفي خطوة لاحقة تم حل مجلس مدينة حماة وتعيين مجلس جديد مؤقت.
لماذا المطالبة بإخلاء الشقق الـ 350؟
لم يكن مجلس مدينة حماة يطالب بذلك ليعيد للمواطنيين حقهم بل تذكر أن هناك قانون استملاك مضى عليه 48 سنة في شارع جبران خليل جبران في حي المدينة بحماة ويريد أن يخليه اليوم ويعطي لسكانه شققاً بدل استملاك بعد أن صارت تلك الشقق بحاجة إلى إصلاحات، إضافة إلى ذلك فسيظهر للمواطنين على أنه مجلس قام بإخلاء المكان لصاحب سكان الشارع المذكور ناسياً أن سكان تلك الشقق ضاعت حقوقهم فماذا حصل؟.
في جولة للثورة على الشارع المذكور والذي يأخذ طابعاً من البيوت القديمة كان أحد عقاراته مسجلاً بصفة آثارية ثم أزيلت وبعض عقاراته قد هدمت لتنفيذ مشروع معين.
ولدى سؤال المواطنين فوضوا ممثلهم نزار الصباغ بالتحدث عنهم ولمعرفة السبب لا بد أن نذكر أن الصباغ قد شغل (عضوية مجلس المدينة لعام 2012 – 2014)، وتمكن خلال عمله، من إيقاف حالة فساد موصوفة لمصلحة أعضاء المكتب التنفيذي بما فيه رئيس المجلس بصفته نائب رئيس المكتب التنفيذي، وتتلخص الحالة بحصولهم على موافقة محافظ حماة الأسبق لتخصيصهم بشقق سكنية من أملاك المدينة في حي البعث – بواسطة السيدة ع.م.ب. عضو المكتب التنفيذي مستشارة المحافظ لشؤون المجتمع الأهلي – بما يشكل مخالفة واضحة وصريحة للقانون، وتمكن من الحصول على ثلاثين توقيعاً من أعضاء مجلس المدينة وبشكل قانوني وتحت قبة مجلس المدينة، بسحب الثقة عن أعضاء المكتب التنفيذي جميعاً، وتقدم بعد افتتاح أعمال الدورة بطلب إلى رئيس المجلس (ق) لتوضيح مسألة الشقق مستنداً في ذلك إلى أحكام المادتين /30/ و /31/ من قانون الإدارة المحلية، الذي يسمح بمساءلة عضو من المكتب التنفيذي أو أكثر ثم تقديم طلب حجب الثقة، إلا أن تدخل المتنفذين عمل على تعليق الجلسة ولمدة أسبوع، بما يشكل مخالفة إضافية من جملة مخالفات قانونية، تم خلالها إتلاف جميع الوثائق والعقود المتعلقة بمسألة الشقق، ثم كان الطلب من أعضاء المجلس الحضور لاستئناف الجلسة والدورة، وقدم رئيس المجلس إجابة على طلب الصباغ قائلا: إن أعضاء المكتب التنفيذي تقدموا بطلب الحصول على شقق من أملاك المدينة وتم دراسة طلبهم وتبين أنه غير قانوني فتم رفضه (؟؟)..
ويضيف الصباغ إلا أن هذا التصرف دفعت ضريبته.. عبر تقرير مغرض وتم على إثره شطب عضويتي من مجلس المدينة سنداً لأحكام المادة /123/ من قانون الإدارة المحلية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 107 لعام 2011، وذلك دون أي تحقيق أو أيّ إدانة أو تغيّب عن حضور جلسات المجلس حسبما نصّت عليه المادة آنفة الذكر.
هل يلغى استملاك شارع جبران؟
يقول الصباغ: لقد تم استملاك العقارات الواقعة في شارع (جبران خليل جبران) منذ العام 1962 بالقرار الاستملاكي الصادر عن وزير الشؤون البلدية والقروية رقم 1881، علماً أن القرار يتضمن استملاك أجزاء من عقارات وكامل عقارات في الجهة الجنوبية فقط من الشارع المذكور.
وقد كانت القيم التحكيمية في العام 1962 مناسبة وملائمة لمتطلبات الحياة والعيش الكريم في حينه. ولم تقم بلدية حماة منذ ذلك الوقت بأي عمل تنفيذي جدّي للاستملاك، أي أنها تجاوزت جميع الأمور والإجراءات واجبة التنفيذ للمصلحة العامة التي قصدها المشرّع ولمدة تزيد عن خمسين عاماً تقريباً من العام 1962.
قام مجلس مدينة حماة في العام 2010 بوضع القيم المالية التحكيمية في الحساب المجمّد، أي بعد مدة 48 عاماً من قرار الاستملاك، وهذا مخالف للقانون بشكل واضح جليّ. وكان ذلك في فترة وجود السيد م. ح. رئيساً لمجلس المدينة..
و لحظ المشرّع أن الغاية من الاستملاك هو الصالح العام ومصلحة المواطنين المتضررين من مشاريع الاستملاك، وقام بتحديد الزمن الذي يتوجب فيه تسديد القيم المالية التحكيمية للعقارات المستملكة أو وضعها في الحساب المجمد حرصاً على مصلحة المواطنين، وقد لحظت أحكام قضائية عديدة هذا الأمر واستندت إليه في إصدار أحكامها القطعية ومنها الحكم/القرار الصادر عن القضاء الإداري تحت الرقم (394/2) أساس (2996) تاريخ (9/11/1997) المنشور في مجلة (المحامون) لعام 1999 صفحة (904) الذي ينص على أن الاستملاك الذي هو نزع جبري للملكية إنما شُرِّعَ أصلاً لتنفيذ المشاريع ذات النفع العام، فإذا كان الاستملاك يعود في جذوره إلى العام 1965 وكانت الإدارة المستملكة لم تنفّذ مشروع الاستملاك خلال ثلاثين سنة تلت أو تزيد فإن فكرة النفع العام من استملاكه تكون منتفية، وتنتفي معها مشروعية استملاكه.
وعمل مجلس مدينة حماة بشكل مخالف للقانون في مسألة الاستملاكات منذ زمن، فكان لا يتصرف في حينه ويترك الزمن وتراكماته تلعب الدور في مسائل الاستملاكات القديمة، بحيث لم يقم بتنفيذ أي استملاك لمدد زمنية طويلة، وبحيث تنتقل ملكية العقارات المستملكة إلى أسماء ورثة المالكين الأساسيين ما يجعلهم – كمالكين – مستنكفين عن القيام بأي إجراءات قانونية لإلغاء الاستملاك.
ووجه مجلس المدينة إنذارات لشاغلي العقارات بالإخلاء أكثر من مرة بدءاً من العام 2010 وصولاً إلى شهر تشرين الثاني عام 2014، ولم يتبلغ سوى مواطنين اثنين شاغلين لعقارين من جملة عقارات يبلغ عددها أكثر من خمسة عشر عقاراً.
ويقول الصباغ تنص القوانين على ألا يتم إخلاء أي عقار شاغل إلا حين تسليم الشاغلين أماكن بديلة للسكن، وهذا أمر غير متوفر لدى مجلس المدينة لعدم وجود شقق فارغة لديه كونها مشغولة بسبب الأحداث والحرب أو مشغولة بعقود طويلة الأمد.
لكن المسألة الخطيرة فيما يحصل هو الاصرار على تنفيذ استملاك قديم جداً في هذا الوقت بالذات، الوقت الذي يتطلب العمل على الحذر من التسبب بأي إشكالات تؤدي إلى فقدان الثقة مع المفاصل الإدارية والتنفيذية في حماة.
الجدير ذكره أن مسألة الشارع المذكور تتضمن حالة من المنفعة الكبيرة لمن يقف خلف محاولات تنفيذه، حيث إن المخطط التنفيذي للشارع يلحظ بناء تجاري كبير وبارتفاع برجي في بداياته، وهو مشروع يقدر بأكثر من مليار ليرة..
عن صحيفة الثورة- أيدا المولى