سوق الوهم الأميركي

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير علي قاسم:
خرج الموقف الأميركي إلى العلن على لسان ساترفيلد، ومن دون أي رتوش أو مداورة، بل بشكل مباشر لا يحتمل بين أسطره أي تخمينات ولا يقبل التأويل، فأميركا لن توافق على سوتشي، وستعمل على إطار مواز من داخل الأمم المتحدة كما عبرت،

وهو التعبير الذي يكتنفه الكثير من جوانب الغموض، وقابل للتفسير المزدوج، وقد يكون حمّال أوجه في كثير من الحسابات المدرجة على القائمة الأميركية.‏

في المبدأ .. لم يكن أحد يتوقع أن يلقى الجهد الدبلوماسي الروسي في سوتشي أو سواها ترحيباً أميركياً، خصوصاً في هذا النوع الذي لا تكون فيه أميركا صاحبة اليد الطولى، والرأي الأخير الحاسم وأحياناً النهائي وغير القابل للجدل والنقاش، فكيف الأمر بسياق سياسي أنتجته روسيا بعيداً عن الحسابات الأميركية، وبعيداً عن أي تأثير في صياغة مفرداته ومصطلحاته.‏

لكن المعضلة لم تكن في الموقف الأميركي المحسوم سلفاً، بل في ذيول ما يُبنى عليه من مواقف لأطراف كانت تنتظر الإشارة الأميركية الواضحة والصريحة، والتي تأخرت كثيراً في التقاطها، وما سيجرّه خلفه من مزايدين على الأميركي ذاته، وفيهم من استبق هذا الموقف ليعلن صراحة هواجسه من غياب مشهد بيع الأوهام، الذي كان يعوّل عليه دائماً لحفظ ماء الوجه حين كانت الأمور تصل إلى عنق الزجاجة وتشتبه عليه الحالة والموقف معاً.‏

يضاف إلى هذا وذاك ما أفصحت المعطيات السابقة واللاحقة عن حجم العقبات والعراقيل التي ستشهد تدحرجاً لم يكن وارداً فيما سبق، ولاسيما المصطنعة من قبل أميركا ذاتها، حيث تبرز إلى العلن المحاولات المحمومة التي تزدهر معها تجارة الوهم حول البدائل المتاحة لتعويض النقص الحاصل نتيجة أفول داعش، وسد الفراغات الناتجة عن الاصطفافات المتبدلة من قبل الأدوات الأميركية في المنطقة، وفي مقدمتها تركيا التي تمسي على غير ما تصبح عليه، وتتفق مع الأميركيين على غير ما تلتزم به تجاه روسيا، تبعاً لسياسة المراوغة والتضليل التي تعتمدها وحجم المبازرة التي تجريها.‏

مع ذلك يبدو أن سوتشي،التي تشق طريقها، لن تكون مأخوذة بسياق الترويج الدعائي القائم على الافتراضات الأميركية التي وصلت إلى الحائط المسدود، بما فيها مراوغة المبعوث الأممي الذي لم يحسم أمره بعد، لأن التعليمات الأميركية لم تصل إليه حتى اللحظة، وينتظر إشارة أقوى من تلك التي أطلقها ساترفيلد ويراها أنها قابلة للتعديل، وقد تكون قابلة للتغيير الكلي على ضوء تجارب سابقة مع الأميركيين، ومنذ اللحظة الأولى لم تكن سوتشي تعول على الإيجابية الأميركية التائهة في حسابات الربح والخسارة فيما آل إليه مصير داعش، والمرشح ليكون هو المصير ذاته لكل التنظيمات الإرهابية المماثلة، حتى تلك التي تراهن أميركا على فانتازيا اعتدالها الإرهابي!!.‏

الإفصاح الأميركي العلني في الاعتراض على سوتشي.. مقدمة لفصل جديد من المماحكة في الصيغ المترهلة، التي تريد في الحد الأدنى التخفيف من الاندفاعة المتوقعة في سوتشي، وفرملة الحراك الذي يجري في آستنة، باعتبار أن التركي الذي اضطر إلى الصمت بعد القرائن التي قدمتها روسيا عن تفاصيل الاعتداء على قاعدة حميميم، والتي خرجت من العباءة الأردوغانية، حتى لو كانت هناك قوى وأطراف خارج الاحتمال التركي، بما فيها أميركا التي لم تتحرك من دون التسهيلات اللوجستية التركية.‏

اعتراض أميركا على سوتشي محاولة عبثية أخرى لوضع العصي في عجلات المسار السياسي، الذي تتبجح في الاشتراط على حضوره كشرط مسبق للمساهمة في إعادة الإعمار، الذي لم تُدعَ لها وغير مرحب بحضورها، ولا هي في وارد النقاش أو الطرح، فمن كان شريكاً في العدوان ليس له مكان في شراكة الإعمار، وله أرقامه المدّعاة التي لا تكتفي بالكذب والمبالغة، بل تضيف إليها مجموعة تمنيات وأضغاث أحلام وكثيراً من تجارة الوهم الكاسدة سياسياً واقتصادياً في سوق لم تعد تتسع لموبقات الحديث الرئاسي الأميركي، وما يفيض منه من ترهات عنصرية.‏

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
مجلس الشعب الجديد تجسيد لإرادة السوريين الحرة في حلب الأرصفة للسيارات والشوارع للمارة وفد صناعي سوري يزور بولندا لتعزيز التعاون بعد 15 سنة من الانقطاع  ترامب عن اتفاق غزة: هذا يوم عظيم للعالم بعد إغلاق لأيام .. فتح تدريجي لطرقات الأشرفية والشيخ مقصود بحلب صحافة "الوحدة" تعود للحياة.. استراتيجية شاملة لإحياء مطابع المؤسسة  هل يحدّد صمود وقف إطلاق النار مستقبل العلاقة بين دمشق و"قسد"؟  نقلةٌ نوعيةٌ في أداء قسم الكلية بمستشفى " المجتهد "  سوريا الجديدة ترسم مستقبل الوظيفة العامة بمشاركة الجميع  نصر الحريري: تجربة التعامل مع "قسد" مريرة ومشروعها خارجي  سوريا ترحّب بوقف إطلاق النار في غزة وتدعو لمرحلة جديدة من الاستقرار "أربعاء الرستن".. حملة أهلية تجمع 3.8 ملايين دولار لإحياء المدينة وبناء مستقبلها  في حملة "الشهر الوردي".. الكشف المبكّر يساهم في الشفاء  توقعات البنك الدولي .. نموٌ اقتصاديٌ هشٌّ مقابل  تحدّيات جسيمة  الصناعات الحرفيّة في حلب.. تحدّيات تواجه دوران عجلة الإنتاج  حدائق حلب المنسية.. "رئة المدينة" تعاني الاختناق مجلس مدينة إدلب يطلق حملة لمكافحة الكلاب الضالة انطلاق المرحلة الرابعة من عودة النازحين السوريين من لبنان تأهيل الطرق وتحسين البنية التحتية في منبج وإعزاز عبد الحفيظ شرف: دمشق تتعامل بمسؤولية وطنية وتغلّب الحل السلمي مع "قسد"