ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحرير: علي قاسم
يجتر التحالف الأميركي من حيث بدأ مهمته العدوانية، التي تستبيح القانون الدولي والسيادة الوطنية، تحت شعار انتفت الحاجة إليه قبل أن يبدأ هذا التحالف عدوانه المبيت في حصيلة تكاد تساوي الصفر من حيث التأثير في مجريات محاربة داعش، وإن كانت قد سجلت إلى حد التخمة جرائمها الموصوفة في استهداف المدنيين، وفي تدمير مدينة الرقة وتحويلها لركام وحال سواها ليس بأفضل..
ما عدا ذلك لم يكن بمقدور هذا التحالف البغيض أن يحاجج في ذرائعه التي تتبدل، وهي تحمل رسائل تتجاوز السقف العدواني المبيت تجاه ممارسات أكثر فظاعة من سابقاتها، وفي عدوان أكثر وضوحاً في استهدافاته، حيث تحضر محاولاته في حماية الجيوب المتبقية من داعش، ليستمر في ذرائعه، ويضيف لها مشهداً دراماتيكياً أكثر سماجة في تبرير عدوانه، إلى درجة أن مرتزقته غرباً وشرقاً باتوا البيدق الإضافي الذي يبيح من خلاله ممارسة عربدة تصل إلى حد الوقاحة على الأقل حسب التوصيف الروسي.
بالمقارنة كانت التحذيرات الروسية من المحاولات الأميركية لتقسيم سورية، وانكشاف أكاذيب أميركا وادعاءاتها حول محاربة داعش، تصل إلى سقوف جديدة في مخاطرها، وما تنطوي عليه لجهة الأخذ بمفهوم الرسالة الروسية ومحتواها، التي تقف على أرض ثابتة مدعمة بالقرائن والقراءة الدقيقة لأبعاد العدوان من جهة، ومخاطر المحاولة الأميركية للبقاء حيث هي غير مرغوب بوجودها بالأصل، باعتبارها قوة احتلال تمارس عربدتها من خارج القانون الدولي من جهة ثانية.
في التفاصيل الإضافية التي أُلحقت بالحدثين، تسجل لائحة المهمات الوظيفية لتحالف العدوان سلسلة من التراكمات التي دفعت إلى إعادة التذكير بمحتوى الخطاب الأميركي، والسياق الذي يبرر حالة العدوان، حيث كانت الإستراتيجية الجديدة للإدارة الأميركية تنضح بما أخفته مراكز الدراسات والبحوث في قراءتها وشروحاتها المسهبة لتلك الإستراتيجية، وفيها إخفاء للأبعاد والمخاطر أكثر مما سمحت به سطور تلك القراءة، وكانت تقترن في كلا الحالين بتضليل متعمد للنيات المبيتة والمشاغلة الأميركية في إثارة الزوابع السياسية، كقصف تمهيدي يحدد بدقة خطواتها الاستباقية وما يلحق بها من تفسيرات متناقضة تصبح فيها السياسة الأميركية وممارساتها على غير ماتمسي عليه.
التضليل الأميركي هنا ليس حالة مستجدة وهو ليس نصاً فقط، بقدر ما جاء متفوقاً على كل المقارنات السابقة باعتباره يؤسس لمقاربة أميركية لا تخفي رغباتها في إقصاء البدائل من ذات المضمون، وإن تغير الشكل أو المشهد الخارجي، حيث العامل الإرهابي ليس ركناً استراتيجياً في المقاربة الأميركية فحسب، بل يشكل حجر الزاوية في كل المتغيرات التي طرأت على الخطاب الأميركي، والفشل كان حافزاً إضافياً للتمسك بهذا الإرهاب كحقل استثمار سياسي له وظائفه ومهماته الأساسية، وله دوره في المفاضلة بين قرينه الآخر الذي جاء على شكل مرتزقة، يبادرون إلى تقديم الخدمة وكانوا سباقين في الترويج لهذا المشهد.
في السياق ذاته، وبمقارنة أكثر وضوحاً، فإن أميركا تستنفر أذرعها المختلفة، وإن كان إشارة إلى حشد غير مسبوق ورفع المنسوب التصعيدي والتسخين، فإنه لا يستطيع إغفال حجم المأزق، وانتفاء مبررات وجود التحالف من أساسه والذي كان قد انتقى عنوان محاربة داعش، وأي تحوير في الدور والمهمة لن يخفف من حجم المآزق بقدر ما يؤشر إلى حالة الاستعصاء في خطاب منظومة العدوان، وإلى استعصاء أكبر في وجود التحالف العدواني في ظل غياب الذريعة وانتفاء مسوغات حضوره.
الخطر ليس فقط في حالة العدوان القائمة، ولا هو في اعتداءات قد تتكرر مراراً وتكراراً، وإنما في تداعيات لم يعد مسموحاً ولا مقبولاً استمرارها، وهي تسجل استفحالاً كارثياً في التورّمات الناتجة عنها، خصوصاً لجهة أن هذا العدوان وهذا التحالف وهذه الدول المعتدية على الأرض والسيادة والقانون الدولي والشرعية الدولية ليست بمنأى عن المحاسبة، وليست بعيدة عن تلك التداعيات وقد تكون وصلت إلى مرحلة أصبحت فيها في مرمى نيران، والأهم أنها لن تغير في معادلات ميدان ترسمه حتى اللحظة إحداثيات هزيمة داعش، وتستكمله هزيمة مرتزقة أميركا وخيبة أدواتها وأذرعها وتحالفاتها، والصراع المحتدم بين دوائر التحالف الأميركي ومفرداتها المتداولة عن اختلاف الأجندات والحسابات بين الأصيل والوكيل والمرتزق وصولاً إلى الإرهابي قرينة إضافية.
a.ka667@yahoo.com