ثالوث العدوان وأكاذيبه «الاستباقية»..

ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحرير: علي قاسم
يطل وزير خارجية بريطانيا ليدلي بما سبقه إليه الفرنسيون.. شركاؤه في التاريخ الاستعماري البغيض، مستحضرين لغة العدوان طريقاً وحيداً لإعادة التذكير بوجودهم الغائب أولاً.. وبتاريخهم الاستعماري ثانياً،

فيما تفرش الإدارة الأميركية حلبة التنافس بينهما بعدما افتتحت لغة التصعيد تهديداً ووعيداً بالعدوان الذي لم يتوقف يوماً، سواء كان بشكل مباشر أم اقتضت الضرورة السياسية التوكيل به لأدواتها في المنطقة ومرتزقتها من الإرهابيين، أو من خلال تحريك ذراع العدوان الإسرائيلي، في مشهد يحاكي من خلاله ثالوث العدوان حروبه الاستباقية القادمة.‏

لم يكن وزير خارجية بريطانيا مُضطرّاً للتذكير بذلك التاريخ، فالمنطقة يصعب عليها أن تنسى عقوداً طويلة من دور بريطاني لم يكتفِ باستعمارها، بل زرع بين جنباتها لعقود أخرى بذور الشقاق والخلاف القابلة للتحول إلى صراع حين تقتضي الأطماع الغربية تحريكها، وكما لم يكن هناك ضرورة للتلويح بعدوانية بريطانيا، فسجلها متخم بأدوار مشبوهة مارست عبرها أسوأ المشاهد التي تحتفظ بها ذاكرة المنطقة.. وستبقى لدى الأجيال القادمة، وتجاريها فرنسا وإن اختلفت أو تباينت المقاربة.‏

وبغض النظر عن الأجندات الغربية وتحديداً منظومة العدوان بثالوثها الفرنسي والبريطاني والأميركي، فإنه من الواضح في سياق الدوافع القائمة أن الثالوث العدواني يواجه استعصاءات تصعّب من المهمة العدوانية وتفرض واقعاً سياسياً يزيد من حجم التأزم القائم، بدليل أن خروج الورقة الأممية لم يغير في الاستهداف، بل شاهدنا مزيداً من التصعيد والسعار الغربي وعودة إلى التلويح بالقوة من بوابة الذرائعية التي ينتشي من خلالها الطرفان البريطاني والفرنسي بتبعيتهما المطلقة لأميركا.‏

الخطير في الأمر أن هذا الثالوث ينزلق في لغة التصعيد، ويعتلي الشجرة إلى حيث لا يستطيع النزول، ويصبح المأزق مرتبطاً باعتبارات لا تمت بصلة إلى الذريعة، رغم أنه يتقاطع معها، وخصوصاً لدى جيل من الساسة البريطانيين والفرنسيين يفتقد لكفاءة السياسة، ويواجه جملة من المآزق الداخلية التي تدفع به إلى تصدير أزماته، ويتعاطون مع شريك أميركي يصعب إرضاؤه وتستحيل في الوقت ذاته مجاراته، وهو ما يشكل جوهر المعضلة التي تواجهها السياستان الفرنسية والبريطانية معاً، وهو ما يعمّق من حدة المأزق السياسي القائم الذي عكسته مواقف البلدين في مجلس الأمن وخارجه.‏

والأخطر أن الاتكاء الفرنسي والبريطاني على ورقة تناور فيها أميركا، وتتناوب في طرحها وسحبها حسب مزاج مصالحها وليس تبعاً لتفاهمات تبدو مستحيلة التحقق مع إدارة ترامب، التي لا تزال تنظر إلى المشهد الأوروبي على أنه مجرد مساحات هامشية تتسع وتضيق وفق الأطماع الأميركية وحساباتها، بغض النظر عن مدى تطابقها أو تعارضها مع القياسات الأوروبية.‏

اعتاد البريطاني أن يكون سابقاً للأميركي، وفي أحيان كثيرة موجهاً ومحرضاً، يحتكم إلى إرثه الاستعماري الطويل، وتحوّل في أحيان كثيرة إلى ساعي بريد للحروب الأميركية في العقود الأخيرة، وكانت بريطانيا تقف مباشرة خلف الكثير من تلك الحروب التي خاضتها أميركا، سواء بالأصالة عن نفسها أم بالتوكيل المباشر لكل من فرنسا وبريطانيا معاً، وليبيا لا تزال شاهداً حياً على وكالة غربية بتصنيع وتجميع أميركي.‏

وحصيلة الحروب التي خططت لها بريطانيا كانت وخيمة وكارثية على الأميركيين.. كما هي على شعوب المنطقة، وتجربتها كانت قاسية حتى على الأوروبيين، حيث أدارت ظهرها للاتحاد الأوروبي وخرجت مراراً وتكراراً على التنسيق، وهي اليوم تمارس دوراً مشبوهاً تجر معه الأوروبيين إلى مستنقع الوصاية الأميركية، ويشاطرها الرئيس الفرنسي الباحث بدوره عن عودة إلى الأضواء تنقصها الكثير من العوامل القادرة على إقناع الفرنسيين بجدوى تلك الحروب، حاله في ذلك حال الكثير من الأدوار التي فرضها واقع الأطماع الغربية التي تستل سيف حروبها وعدوانيتها الاستباقية.‏

الفرق الذي يحضر إلى الذهن يشي بأن العدوان ليس ورقة تُشهر في أي مكان وزمان، وهي ليست صالحة لابتزاز الشعوب والدول بأي ذريعة كانت، والأهم أنها ليست نزهة في نهاية المطاف تقدم من خلالها بريطانيا وفرنسا جردة حساب إضافية في خدمة الأميركي تستحق الدفع مسبقاً من قبل أدوات باتت تحرض وتفبرك وتفتعل وتعيد تركيب أكاذيبها لتناسب مستجدات المأزق الغربي عموماً والاستعصاءات التي يواجهها ثالوث العدوان خصوصاً.‏

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
معركة الماء في حلب.. بين الأعطال والمشاريع الجديدة تأهيل طريق مدينة المعارض استعداداً للدورة ٦٢ لمعرض دمشق الدولي التوجه إلى التمكين… "أبشري حوران".. رؤية استثمارية تنموية لإعادة بناء المحافظة السيطرة على حريق شاحنة في  حسياء  الصناعية تفاصيل مراسيم المنقطعين والمستنفدين وتعليماتها بدورة تدريبية في جامعة اللاذقية الكيماوي… حين صارت الثقافة ذاكرة الدم  واشنطن في مجلس الأمن: لا استقرار في سوريا من دون عدالة ومشاركة سياسية واسعة  " التلغراف ": الهيئة الدولية المسؤولة عن مراقبة الجوع بالعالم ستعلن للمرة الأولى "المجاعة" في غزة ضبط لحوم فاسدة في حلب وتشديد الرقابة على الأسواق تنظيم سوق السكن في حلب والعمل على تخفيض الإيجارات "المجموعة العربية في الأمم المتحدة": وحدة سوريا ضمانة حقيقية لمنع زعزعة الاستقرار الإقليمي بين الهجوم والدفاع.. إنجازات "الشيباني" تتحدى حملات التشويه الإعلامي منظمة يابانية: مجزرة الغوطتين وصمة لا تزول والمحاسبة حق للضحايا مندوب تركيا في الأمم المتحدة: الاستقرار في سوريا مرهون بالحكومة المركزية والجيش الوطني الموحد بيدرسون يؤكد ضرورة احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها ورفض الانتهاكات الإسرائيلية الشيباني يبحث مع الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين تعزيز التعاون صحيفة عكاظ :"الإدارة الذاتية" فشلت كنموذج للحكم و تشكل تهديداً لوحدة واستقرار سوريا قرى جوبة برغال بالقرداحة تعاني من أزمة مياه حادة "نقل وتوزيع الكهرباء" تبحث في درعا مشروع "الكهرباء الطارئ" في سوريا في ذكرى مجزرة الكيماوي .. المحامي أحمد عبد الرحمن : المحاسبة ضرورية لتحقيق العدالة