ثورة أون لاين:
خمس سنوات مرت ولم يتغير شيء بالنسبة للمطالب المحقة والضرورية التي تحدث عنها طلبة كلية العلوم السياسية بدمشق، ومع اقتراب مواعيد الامتحانات تتجدد حالة التشرد والتشرذم التي تخيم على حياتهم الدراسية لتكون سبباً مباشراً في تردي وضعهم الدراسي،
وتبرز معها مشكلة توصيف شهادتهم الجامعية التي يبدو أنها أصبحت من منسيات الجهات المعنية وخاصة بعد أن أخذ التعميم الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء بإدراجهم في المسابقات طريقه إلى الأدراج المغلقة.
لقد جدد طلبة هذه الكلية ومن كل السنوات مطالبهم وتحدثوا عن أوجاعهم التي تبدأ من عدم وجود مكان مخصص لهم للدراسة خلال العام الدراسي وعدم وجود أماكن محددة لتقديم امتحاناتهم، وما ينتج عن ذلك من عدم التركيز في المحاضرات وعدم الالتزام بالدوام الذي انخفضت نسبته إلى أقل من الثلث بسبب هذه المعوقات غير المشجعة للطلبة، يضاف إليها ما يراه البعض من هموم ما بعد التخرج التي بدأت من لحظة التخلي عن الالتزام بتعيين خريجي هذا الاختصاص ومن لحظة تحوله من معهد عالٍ إلى كلية. وكذلك ما يراه بعض الطلبة من أن تدني نسب النجاح يعود في جزء كبير منه إلى عدم الاستقرار.
تفاءلوا بالخير
وسط حالة الانتظار المملة التي تحدث عنها الطلبة، ووسط حالة التعجب من أن تكون جامعة دمشق قد عجزت عن تأمين محولة كهرباء للبناء الجديد المقرر تسليمه للكلية؟ لا بد من الإشارة إلى المحاولات المستمرة التي عمدت إليها إدارة الكلية مع الجهات المعنية لتأمين المحولة، وهناك توقعات بأن يكون استلام الكتلة c من البناء الجديد مع نهاية امتحانات الفصل الدراسي الثاني. هذا ما أكد الدكتور محمد حسون عميد كلية العلوم السياسية وأضاف: أنه من الضروري استلام البناء ولكن هناك مشكلة مع القاعات الدرسية التي لم يتم الانتهاء من تجهيزها حتى الآن، وهو الأمر الأهم بالنسبة لهم من تأمين المكاتب أو الفرش، لأنها تتعلق بتأمين الاستقرار للطلبة، مشيراً إلى أن البناء الجديد يكفي لإتمام العملية التدريسية بأكملها، لكنه غير كافٍ لاستيعاب الطلبة خلال فترة الامتحانات نظراً للأعداد الكبيرة من الطلبة وخاصة السنة الأولى.
لا شيء على أرض الواقع
وحول استصدار قرار التوصيف الوظيفي للشهادات التي تمنحها كلية العلوم السياسية في الجامعة أوضح عميد الكلية أن هذا القرار قد صدر بالفعل ولكنه لم يلق اهتماماً لدى الجهات المعنية، وقد صدر تعميم من رئاسة مجلس الوزراء تضمن إدراج خريجي كلية العلوم السياسية في مسابقات التوظيف التي تصدرها الجهات الحكومية ولكن على أرض الواقع لا يوجد أي التزام؟ وما يلاحظ حتى الآن هو توجه خريجي الكلية للعمل في مجال التدريس، ولكن حتى هذا الميدان لم يعد كافياً لاستيعاب الأعداد الكبيرة من خريجي هذه الكلية، علماً أن هؤلاء الطلبة متواجدون في كل وزارات الدولة بشكل أو بآخر، وهو دليل على كفاءتهم وقدرتهم على العطاء في مجالات مختلفة.
بعض من الكل
يتغير عدد طلاب الكلية من عام إلى آخر وبشكل تقريبي يصل عددهم في النظامي إلى أكثر من 1100 طالب وطالبة، وهناك 1500 طالب مستنفد، ويوجد نحو 4170 طالب تعليم مفتوح ما يجعل من فترة الامتحانات مشكلة كبيرة في تأمين القاعات والأماكن التي تستوعب هذه الأعداد الكبيرة من الطلبة، وبحسب عمادة الكلية لا بد من التنسيق مع الكليات المجاورة (كلية الشريعة والعلوم والحقوق)، في وضع البرنامج الامتحاني، ولايمكن اتخاذ أي قرار بتوزيع المقررات إلا بعد الاجتماع مع إدارات هذه الكليات وشؤون الطلاب، وعلى سبيل المثال لدينا مقرر عدد طلابه يصل إلى 900 طالب وبالتالي يحتاج إلى يوم يكون لديهم مقرر عدد طلابه قليل جداً وبالعكس.
وأشار حسون إلى معاناتهم مع الأعداد الكبيرة لطلبة التعليم المفتوح الذين يسجلون في الكلية على الأغلب بهدف الحصول على وثيقة تأجيل من الجيش وهؤلاء لا يتقدمون للمواد التي يسجلون عليها وعلى سبيل المثال يوجد مواد فيها 700 طالب يتقدم إليها أقل من النصف فقط. وهذا الأمر أخذ جدلاً كبيراً، وتمت حوله العديد من المشاورات فيما إذا كان يحق لطالب التعليم المفتوح الحصول على وثيقة تأجيل أم لا؟ وحتى الآن لم يتم اتخاذ قرار نهائي في هذا الموضوع التي طرح أكثر من مرة على طاولة النقاش.
انخفاض نسب النجاح
يعاني الطلبة من نسب النجاح المتدنية في بعض المقررات، ويرى البعض أن علامة الـ 49 تشكل معضلة كبيرة، وهي مجحفة بحق الطالب الذي يتوقف نجاحه في هذه المادة على علامة واحدة؟
وعليه أكد الدكتور حسون: أن نسب النجاح تتناسب مع سنوات الدراسة وهي تصل إلى 20% في السنة الأولى لأن مخرجات التعليم الثانوي للقادمين إلى الكلية، متدنية جداًً فهناك طلاب بالكاد يستطيعون كتابة الإملاء وخطهم سيء للغاية، كما أن نسب الحضور قليلة جداً ولا تتجاوز الـ 35% وهذا يؤثر على نتائج الطالب ومستوى تعلمه، مشيراً إلى ارتفاع نسب النجاح كلما ارتفعت سنوات الدراسة، حيث ترتفع نسبة حضور الطلبة واهتمامهم بموضوع التخرج.
غير قانونية
أسباب عدة تحدث عنها عميد كلية العلوم السياسية وراء التوجه إلى إلغاء الجانب العملي الموجود في بعض المقررات والذي يخصص له 20 علامة، من أهمها الأعداد القليلة للأساتذة مقارنة مع الأعداد الكبيرة للطلاب، وعدم وجود آليات ووسائل اختبار مناسبة، الأمر الذي يمنع القيام بأعمال بحثية حقيقية، وعلى سبيل المثال يوجد صعوبة مع الطلاب في تدريبهم على كتابة وإنجاز مشروع التخرج، فكيف هو الحال مع استمرار الجانب العملي مع طلاب السنوات الأخرى.
ويؤكد حسون: أن وجود النوط بالأكشاك والاعتماد عليها في الدراسة أمر غير قانوني، وهناك توجه بمنع الاعتماد عليها ومحاربتها، مشيراً إلى أن الاعتماد على النوط التي تأتي على الأغلب ناقصة ومغلوطة هي أحد أسباب تدني نسب النجاح في الكلية.
في الحالتين لا يوجد التزام
لم يتغير عدد سنوات الدراسة في كلية العلوم السياسية، ولكن تغيرت تبعية المعهد منذ عدة سنوات وأصبح تابعاً لجامعة دمشق، وفي الحالتين مدة الدراسة هي أربع سنوات، وكذلك الأمر بالنسبة لموضوع الالتزام بالتوظيف والتعيين، فقد أفادنا عميد الكلية قائلاً:
إن الدولة لم تكن ملتزمة بتعيين الخريجين عندما كنا معهداً عالياً ولا هي الآن ملتزمة بذلك، ولكن كان هناك توجه يقضي باستيعاب الخريجين بالمنظمات ودوائر الدولة ومؤسساتها بحسب الحاجة وفقاً للمرسوم رقم 50، وعليه كانت تؤخذ الأعداد بحسب ما هو مطلوب لدى هذه الجهات، ولكن هذا الأمر لا يصح حالياً بسبب كثرة أعداد الدفعات والأعداد الكبيرة جداً للخريجين، مبيناً أن الكلية اليوم لا تختلف عن باقي الكليات النظرية في جميع ما يتعلق بأمور الطلبة التعليمية والتوظيفية، إلا أن الكلية اليوم تعمل على توجيه طلبتها وخريجيها للعمل في المؤسسات الإعلامية والصحف والإذاعة وتدريبهم على كيفية الحصول على فرصة عمل مناسبة لاختصاصهم، وهناك تحفيز دائم للطلبة للدخول في سوق العمل من خلال التدريب وتجديد المناهج وتعديلها بما يتطلبه الواقع الحالي.
ميساء الجردي