الحرب النفسية

العقوبات الأحادية، الحصار والحظر، الانسحاب من المعاهدات والاتفاقيات الثنائية والدولية، التهويل والتصعيد في الخطاب السياسي، ورفع نبرة التهديدات، هل هي مُجرد مُفردات تميز السياسة الأميركية، أم إنها كذلك، لكنها في الوقت ذاته تُمثل مجموع أدوات الحرب النفسية التي تَفتتحها واشنطن مع أطراف دولية وإقليمية، بعد أن أيقنت ربما بأن الحروب العسكرية – الإرهابية – الاستعمارية بمعنى الاحتلال لم تعد مُجدية أو سهلة؟.
وإذا كانت الولايات المتحدة قد افتتحت الحرب النفسية إياها على جبهات مُتعددة لم تُوفر حتى الحلفاء والشركاء المُلتحقين بها، فهل يعني ذلك أنها تتخلى عن سياسة الحرب والغزو والاحتلال، أم إنها تُمثل الخطوة التي ستقودها بالضرورة إلى الصّدام الخشن مع كل الذين تستهدفهم الحرب النفسية؟.
السياسة الأميركية مَزيجٌ مُتجانس من القذارة قوامه الحرب، ناعمة كانت أم خشنة، وأساسه ممارسة العدوان على الشعوب والحكومات لإخضاعها، ولنهب مُقدراتها وثرواتها من بعد كسر إراداتها، وبالتالي فإن الحملات النفسية وتلك العسكرية الأميركية تتكامل ولا تُلغي إحداها الأخرى، بل في عملية تَبادلية تُؤدي كل منهما دوراً وخدمة للأخرى، يلجأ لها البيت الأبيض ودوائره ومُلحقاته عندما تبدو الحاجة لذلك مع استخدام كثير من أساليب الخداع التي تُوهم الخصوم بأن أميركا مُحرجة أو مأزومة.
في مرحلة الانتقال الأميركي من إلى، سواء كان من الخطة «أ» إلى الخطة «ب»، أم من خطط الغزو إلى الحرب النفسية، وبالعكس، تكون الولايات المتحدة مُحرجة ومأزومة فعلياً، وإلّا فلما غيّرت المسار، وتكون ربما تحمّلت ما لا قُدرة لها على تحمله، وتكون في حسابات الخسارة والربح – بالتأكيد- قد استشعرت أنها تَخسر.
هنا بالضبط تبرز النقطة الفاصلة التي ينبغي للعالم – أو على الأقل للقوى التي تستهدفها السياسات الأميركية – التقاطها والاشتغال عليها بجدية ومسؤولية، وبتركيز كبير يُعمّق أزمتها ويَفضحها ولا يسمح لها بالتلاعب ولا بالانتقال من خطة لأخرى، وهو أمرٌ مُتاح وواجب لا يجوز التخلف عن أدائه، سواء لجهة توجيه الضربات لها بما يُحدث الفرق المطلوب، أم لناحية ممارسة الضغط عليها وعزلها لإفساد لعبتها القذرة، ولتجنيب العالم الآثار والتبعات.
نعم، تَفتتح واشنطن حرباً نفسية واسعة اليوم ضد جميع الأطراف الدولية، لا لأنها تشعر بالارتياح، بل لأنها مَأزومة، وربما مَهزومة، وقد يتوفر في هذه الأثناء ما هو فعلياً وحقيقياً التوقيت المثالي لإدارة حرب نفسية عالمية ضدها لتُجهز على ما تَبقى لديها من غطرسة، ولتُضاعف عليها الأعباء الثقيلة ومَقادير الرّكام التي يَستحيل عليها جمعه ولملمته وإعادة إنتاجه!.

  علي نصر الله
التاريخ: الاثنين 5-11-2018
الرقم: 16828

آخر الأخبار
قطرة دم.. شريان حياة  الدفاع المدني يجسد أسمى معاني الإنسانية  وزير السياحة يشارك في مؤتمر “FMOVE”  التحول الرقمي في النقل: إجماع حكومي وخاص على مستقبل واعد  وزير النقل لـ"الثورة": "موف" منصة لتشبيك الأفكار الريادية وتحويلها لمشاريع      تنظيم شركات المعلوماتية السورية  ناشطو "أسطول الصمود" المحتجزين يبدؤون إضراباً جماعياً عن الطعام حوار مستفيض في اتحاد العمال لإصلاح قوانين العمل الحكومي مناقشات استراتيجية حول التمويل الزراعي في اجتماع المالية و"IFAD" الشرع يبحث مع باراك وكوبر دعم العملية السياسية وتعزيز الأمن والاستقرار العميد حمادة: استهداف "الأمن العام" بحلب يزعزع الاستقرار وينسف مصداقية "قسد" خطاب يبحث في الأردن تعزيز التعاون.. و وفد من "الداخلية" يشارك بمؤتمر في تونس حضور خافت يحتاج إلى إنصاف.. تحييد غير مقصود للنساء عن المشهد الانتخابي دعم جودة التعليم وتوزيع المنهاج الدراسي اتفاق على وقف شامل لإطلاق النار بكل المحاور شمال وشمال شرقي سوريا تمثيل المرأة المحدود .. نظرة قاصرة حول عدم مقدرتها لاتخاذ قرارات سياسية "الإغاثة الإسلامية" في سوريا.. التحول إلى التعافي والتنمية المستدامة تراكم القمامة في مخيم جرمانا.. واستجابة من مديرية النظافة مستقبل النقل الرقمي في سوريا.. بين الطموح والتحديات المجتمعية بعد سنوات من التهجير.. عودة الحياة إلى مدرسة شهداء سراقب اتفاقية لتأسيس "جامعة الصداقة التركية - السورية" في دمشق قريباً