تتناغم أهداف راعيي الإرهاب الأميركي والتركي في إطالة أمد الأزمة إلى الحد الذي يتوهمان أنه سيمكنهما من تحقيق أطماعهما التوسعية، فيحشد أردوغان إعلامياً وسياسياً لعدوانه الجديد المحتمل على شرق الفرات، ويناور الاحتلال الأميركي بالتصريحات المؤيدة للعدوان، والرافضة له في آن واحد، في لعبة مكشوفة للتعتيم على التنسيق والتعاون الكامل بين الجانبين لجهة الاستمرار في استهداف الدولة السورية، ونزف مقدراتها، واللهاث معاً لخلق واقع تقسيمي في الشمال يتيح لشريكي الإرهاب تثبيت وجودهما الاحتلالي، ونهب ثروات السوريين في إطار توزيع «الكعكة» بين أقطاب منظومة العدوان.
التصعيد العثماني في شرق الفرات والتماهي الأميركي، لا ينفصلان عما يجري التحضير له في إدلب، لجهة حرف الأنظار عن ضخ المزيد من الإرهابيين إلى المحافظة، تمهيداً للتنصل من اتفاق سوتشي، ولاسيما أن إرهابيي أردوغان يعمدون إلى تعزيز مواقعهم وتحصيناتهم قبل تتويج خروقاتهم اليومية المكثفة بشن اعتداء واسع على مواقع الجيش العربي السوري، والأحياء السكنية المحيطة بالمنطقة المتفق عليها، لمحاولة تغيير موازين القوى، وبالتالي إعادة منطقة خفض التوتر إلى المربع الأول، وتقويض كل تفاهمات «آستنة» التي يسعى الأميركي لإزاحتها كلياً عن المشهد السياسي، واستبدالها بـ «جنيف» الذي تريد أميركا تعويمه لترميم مستنسخاتها الإرهابية، وإعادة تفعيلها كواجهة سياسية تنوب عن منظومة العدوان في محاولة فرض أجندات مشبوهة لفظها السوريون مرات ومرات، لأنها تتناقض كلياً مع رغباتهم وتطلعاتهم.
تحت غطاء التصعيد التركي، استجلبت الولايات المتحدة شحنة معدات عسكرية ولوجستية ووقود ضخمة إلى قواعدها في الشمال بهدف تعزيز تواجد تحالفها الإجرامي الذي يرتكب يومياً العديد من المجازر بحق المدنيين، وأيضاً تنهب النفط السوري بواسطة صهاريج تابعة للمجموعات الإرهابية المنتشرة شرق نهر الفرات، كما استقدم نظام أردوغان أعداداً إضافية من إرهابيي القاعدة عبر أراضيه مروراً ببلدتي أطمة وسرمدا الحدوديتين، لينضموا إلى فصيل ما يسمى «حراس الدين» المبايع للتنظيم الإرهابي، وهذا يشير بكل وضوح إلى مدى التنسيق بين شريكي الإرهاب الأميركي والتركي، للمضي قدماً في مخططهما العدواني تجاه سورية، رغم فشل كل مخططاتهم ومشاريعهم السابقة.
رعاة الإرهاب يمعنون في جرائمهم اليوم، ويعززون وجود قواتهم الغازية، ويفرطون في دعم تنظيماتهم الإرهابية، كمحاولة أخيرة يسعون من خلالها إيجاد دور لهم في الحل السياسي، ليقينهم الكامل بأن الدولة السورية اتخذت قرارها في الاستمرار بتحرير كل شبر من أراضيها من الإرهاب وداعميه، وأن منحها الفرص للتسوية السياسية منعاً لحقن الدماء، لا يعني بالمطلق أنها لن تلجأ للحسم لاحقاً بتحرير أراضيها بالقوة، وهي قادرة، وانتصارات الجيش العربي السوري المتلاحقة ضد الإرهابيين وداعميهم يثبت ذلك.
ناصر منذر
التاريخ: الأربعاء 19-12-2018
رقم العدد : 16864
السابق
التالي