وسط وعود الجهات المعنية المتكررة بضبط الأسواق وبتخفيض الأسعار، وتوعدها بإجراءات صارمة بحق المتلاعبين، فقد شهدت الأسواق ارتفاعاً ملحوظا بأغلب أسعار السلع والمواد الاستهلاكية والخضار والفواكه لدرجة وصلت معه أنواع من السلع والأصناف إلى ضعف سعرها الحقيقي، فعلى سبيل المثال فقد وصل سعر كيلو البطاطا إلى 300 ليرة، رغم تأكيد المزارعين بأنهم قاموا بتسويقها بأقل من ذلك بكثير. وطبعاً ما ينطبق على البطاطا ومعاناة مزارعيها ينسحب على الكثير من المواد كالحمضيات التي لم يجد أصحابها حلاً لمعاناتهم المتكررة كل عام.
يؤكد الكثير من المزارعين والفلاحين أن أسعار تسويق تلك المواد من حقولهم هي أقل بكثير مما يتم تداوله. الأمر الذي يؤكد أن هناك حلقة مفقودة بين المنتج والمستهلك حيث تتكرر الحكاية في كل عيد وفي كل ظرف يراه تجار الأزمات فرصة مواتية للاستغلال وجني الأرباح على حساب المواطنين.
وقد عزا الكثير سبب ارتفاع الأسعار إلى ضعف الرقابة على الأسواق والإجراءات القاصرة لضبطها وتحكم قلة من التجار فيها وانتشار حالات التلاعب والاحتكار، وعدم تمكن مؤسسات التدخل الإيجابي من القيام بدورها، وكثرة الحلقات الوسيطة بين المنتج أو المزارع والمستهلك وربط عملية البيع والشراء بصعود وهبوط العملات، فالأسعار تلحق الدولار في الارتفاع بشكل لحظي، لكن عندما يبدأ الدولار في الانخفاض، تبقى الأسعار على ما هي عليه بنفس وتيرة الارتفاع والضحية هو المواطن.
إن استمرار ارتفاع الأسعار الجنوني في الفترة الأخيرة دون رقابة حقيقية بدأت آثاره السلبية تظهر على الكثير من شرائح المجتمع، وذلك من خلال خلق فجوة كبيرة بين الدخول المالية للأسر وعجزها عن تحقيق متطلبات عيشها اليومية، لذلك يجب العمل على مواجهة ارتفاع الأسعار غير المبررة، ورفع العبء والمعاناة عن كاهل المواطنين ولا سيما أصحاب الدخل المحدود الذين لم يعد بمقدور الكثير منهم مجاراة الأسعار الملتهبة، وخلق حالة من المنافسة لتوفير السلع عبر منافذ الجمعيات الاستهلاكية والمجمعات التنموية وإنصاف المزارعين عبر التأكيد على تسويق كامل إنتاجهم وبسعر يتناسب مع جهدهم وتعبهم طيلة العام.
ارتفاع الأسعار مشكلة مزمنة ومسألة يجب الوقوف عندها والنظر فيها وإيجاد حلول للسيطرة على الأسواق وضبطها، ووضع تدابير عاجلة في مثل هذه الظروف لتفادي آثارها السلبية لأن تجاهلها قد يجر مشكلات اجتماعية واقتصادية كثيرة وآثاراً سلبية قد تؤثر على الأسرة والمجتمع.
بسام زيود
التاريخ: الأربعاء 19-12-2018
رقم العدد : 16864
السابق