جمانــــة طـــه.. وأبوابهـــا الغارقـــة في الركـــام

ليس فضولا ولا استراقا للنظر من خلف الأبواب الموصدة ماقامت برصده الأديبة جمانة طه في مجموعتها القصصية الجديدة «أبواب في الركام» الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب، بل هو الغوص في مجتمع يعاني أفراده مايعانوه من آلام وأمراض اجتماعية باتت تغزو تفاصيل الحياة لتفقدها تلك الحميمية التي لطالما تحدثت الكتب عنها على مر العصور والأزمان حتى أنها كانت نموذجا يحتذى.

ولكن ماقصة تلك الأبواب التي سعت الأديبة جمانة طه لفتحها لنا، وماذا يختبىء خلفها، تقول:
للأبواب دور كبير في حياتنا، يشكل لنا خط الدفاع الأول، وتحمي مدننا وبيوتنا ومكاتبنا وأمكنة أعمالنا من اللصوص والدخلاء، وقوفها أمام غرفنا وبيوتنا يشعرنا بالراحة والأمان، ويسهل عبورنا إلى خارج المكان وإلى الدخول إليه..
أبوابنا المفتوحة تغري بالدخول، وأبوابنا المواربة تثير الفضول لاكتشاف مافي داخلها، أما مايلفتنا ويدعونا للعجب، فهو أنه وبرغم اختراعكم الذرة وصعودكم إلى القمرلم تستطيعوا أن تتخلوا عن الأبواب ولا أن تتوصلوا إلى بديل يمنحكم السكينة والأمان.
ومن هذا المفهوم انطلقت طه لترصد أمراضا اجتماعية وسلوكيات وقضايا عالقة أفرزتها الحضارة الجديدة وظروف الحياة ومتطلباتها كما جاء في قصتها «الخرس الأسري» وفيها تحكي عن فتور العلاقة بين الزوجين لانهماكهما بالعمل أولا وانشغالهما بالتقنيات الحديثة «الفضاء الأزرق» وتفكك الأسرة مايزيد من تشرذمها تقول: «في الفترة الأخيرة خيم على كل من في البيت مظاهر غربة وجفاء، واقتصرت أحاديثهما مع أجهزة معدنية باردة..».
وقد طرحت الكاتبة موضوع الغربة والمعاناة التي يعيشها الإنسان بعيدا عن وطنه وحلم العودة الذي لاتنطفىء شعلته في قصتها «لعبة ورق».
ومن قصتها التي حملت عنوان الكتاب «أبواب في الركام» تسرد حديث أبواب طالتها يد الغدر جراء الإرهاب وفقدت الأهل والأصحاب وهي تتحدث بحرقة الحرمان على زمن الرخاء والحب وكيف أتت الحرب على كل شيء جميل في وصف مؤثر لما آل إليه حال البشر وأيضا الحجر من دمار لم يشهد التاريخ مثيلا له «في يوم هارب من الجحيم تداعى مبنى سكني على الأرض بما فيه ومن فيه، فتطايرت أشلاء وتناثرت دماء، انهارت سقوف وتحطم أثاث وعجنت أجساد موائد للهوام، لحظات مجنونة محمومة بالموت والدمار، غيبت فيها عائلات بأفرادها، وتركت أخرى مجهولة المصير..»
تميزت المجموعة القصصية التي ضمت حوالى 20 قصة قصيرة بلغة سلسة جميلة تقترب من القارىء وتحمل في طياتها العمق في طرح قضايا تمس الإنسان ربما ليست في مجتمعاتنا فقط، بل تمتد لتكون هما إنسانيا عالميا، لتدخل هذه المجموعة عالم رصد الحياة بعين متبصرة وطرح شائق، ولغة تلامس شغاف القلب والروح.
تقع المجموعة في 142 صفحة من القطع الوسط من سلسلة القصة إصدار اتحاد الكتاب العرب.

 

فاتن أحمد دعبول
التاريخ: الخميس 3-1-2019
الرقم: 16875

آخر الأخبار
موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... بري: أحبطنا مفاعيل العدوان الإسرائيلي ونطوي لحظة تاريخية هي الأخطر على لبنان عناوين الصحف العالمية 27/11/2024 قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة تفقد معبر العريضة بعد تعرضه لعدوان إسرائيلي الرئيس الأسد يصدر قانوناً بإحداث جامعة “اللاهوت المسيحي والدراسات الدينية والفلسفية” مرسوم بتحديد الـ 21 من كانون الأول القادم موعداً لإجراء انتخابات تشريعية لمقعد شاغر في دائرة دمشق الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث وزارة “التربية والتعليم” تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1944 هل ثمة وجه لاستنجاد نتنياهو بـ "دريفوس"؟ القوات الروسية تدمر معقلاً أوكرانياً في دونيتسك وتسقط 39 مسيرة الاستخبارات الروسية: الأنغلوسكسونيون يدفعون كييف للإرهاب النووي ناريشكين: قاعدة التنف تحولت إلى مصنع لإنتاج المسلحين الخاضعين للغرب الصين رداً على تهديدات ترامب: لا يوجد رابح في الحروب التجارية "ذا انترسبت": يجب محاكمة الولايات المتحدة على جرائمها أفضل عرض سريري بمؤتمر الجمعية الأمريكية للقدم السكرية في لوس أنجلوس لمستشفى دمشق الوزير المنجد: قانون التجارة الداخلية نقطة الانطلاق لتعديل بقية القوانين 7455 طناً الأقطان المستلمة  في محلجي العاصي ومحردة هطولات مطرية متفرقة في أغلب المحافظات إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم