وهو الطريق الذي يصل إلى نقطة تقاطع بين اثنين.. لتصبح أرضاً من مشتركات فنية جمالية تُغني علاقتهما وتجعلها أكثر قوة ورسوخاً.
بالضبط هذا ما يحاول فيلم (ولادة نجمة، A star is born) إيصاله لمتلقيه.. دون قسر مجمل إيحاءاته وما يستفيض عنها من حالات شعورية على ذلك فقط..
فالعمل الأحدث للنجم الهوليوودي برادلي كوبر، تمثيلاً وإخراجاً، بالإضافة لمشاركته بالإنتاج والكتابة، يقطف ألذ ما يمكن للموسيقا أن تقدّمه للمتلقي بدفق حساسية عالية ومحاولة تغليف أذن المستمع بشجن وشغف جمله الموسيقية الأكثر من ساحرة..
فكيف يمكن لفيلم أن يمنحك أعلى درجات النشوة والمتعة وصولاً لأقصى أطراف حواسك.. لتتردد أصداء مشاهده وجمله الموسيقية مراراً وتكراراً حافرةً في العميق من وجدانك..؟
وكأنما حملت الأغاني، التي ترفع من سوية القصة والأداء، تكثيفاً شعورياً له أن يختصر الحوارات المحكية والكثير من تفاصيل الأحداث.. فكل أغنية هي مثابة قصة صغيرة تلتحم مع الأخريات مُشكِّلةً عموداً فقرياً لقوام العمل بعمومه.
«الموسيقا طريق بين شخصين» عبارة يتلفّظ بها شقيق جاك (جاكسون ماين) الذي يؤدي دوره «كوبر»، بعد انتحار الأخير.. مختصراً بتلك المقولة وجهة نظر جاك حول مهنته وشغفه في الحياة.. وبالفعل كانت الموسيقا طريقه إلى عشقه «آلي» الفتاة التي يلتقيها ويعجب بموهبتها، ليقدم لها أولى خطوات الطريق إلى النجومية.
في (ولادة نجمة،A star is born ) يترصّع الطريق الواصل إلى ذروة حكايته بالكثير من الأداءات الموسيقية أو حتى التمثيلية من قبل كل من كوبر والليدي غاغا مؤدّيةً دور «آلي».. هكذا كنا قبالة ثنائي غنائي.. كل منهما يمنح الآخر أجمل وأصدق ما لديه وصولاً إلى اكتمال قصتهما بضدية (الأفول- الولادة).. فبينما تنتهي مسيرة جاك الموسيقية انتحاراً بعد انتكاسات سببها الإدمان، تصعد مسيرة آلي لتصل إلى جائزة غرامي الموسيقية.. وكأنما صعود نجم يستلزم هبوط آخر قبالته.. اكتمال توهج أحدهما صاحبه خمود نظيره.
تكثر عوامل ترشيح الفيلم لأكثر من جائزة سينمائية عالمية قادمة إن كان في الغولدن غلوب أو الأوسكار، فإلى جانب امتلاكه مجموعة أغنيات رائعة سيبقى يتردد صداها في أذن المتفرج طويلاً، ثمة الأداء اللافت لـ(كوبر) الذي فجّر في الفيلم عن موهبة غنائية واضحة إلى جانب موهبته في الإخراج المميزة في أولى تجاربه.. وكأنما لم تكن مختلف أدواره ومشاركاته السينمائية السابقة سوى تدريب على إظهار موهبتيه غناءً وإخراجاً.. لوهلة نحسب أننا أمام مغني «كونتري» محترف، بالإضافة إلى نبرة الصوت الخاصة التي استخدمها طوال حواراته.. دون نسيان تلك الطريقة المحببة التي يُظهر من خلالها شخصية من تشاطره البطولة نجمة البوب «الليدي غاغا».
بخيوط رفيعة من الحساسية يخيط كوبر مفاصل حكايته، المأخوذة في الأصل عن فيلم (?What Price Hollywood)، المبني على قصة للروائية «أديلا روجرز».. ثم تمّ إنتاجه بنسخة معدّلة عام 1937، بالعنوان ذاته الذي اختاره برادلي «ولادة نجمة»، ثم نسخة عام 1954، وآخرها كان عام 1976، الفيلم الذي أخرجه فرانك بيرسون وبطولة كريس كريستوفرسون و بربارا سترايسند.. تم في كل منها تعديلات طفيفة على القصة الأصل.. لتصل في نسخة كوبر إلى حكاية مغنٍ ومغنية.
باختصار.. حالة من الوله بفن الأداء الغنائي الصادق تمايز به حضور كوبر عن مختلف أدوار أدّاها في مشواره السينمائي.
lamisali25@yahoo.com
لميس علي
التاريخ: الاثنين 14-1-2019
الرقم: 16884