آخرُ ما حُرر، ويَجري التداول والتحليل فيه: خَبريّة الإعلان عن تَوصّل واشنطن وأنقرة إلى تفاهمات ثنائية – تمت خلال اتصال هاتفي – نعم خلال اتصال هاتفي! حول إقامة منطقة آمنة في الشمال السوري يَتعهدها اللص أردوغان!.
هكذا بكل بساطة، بل باستخفاف، وبمُحاولة القفز على الواقع لا تُؤكد سوى انفصال أنقرة وواشنطن عنه، يتم الإعلان مُجدداً عن وهم صار من الماضي لا يَجتر فيه سوى الحَمقى، ومتى يتم الإعلان؟ بعد أقل من 24 ساعة على تهديد واشنطن بتدمير تركيا اقتصادياً!.
ما الذي يَجري؟ من ذروة التصعيد والتهديد بالتدمير، إلى إعلان التوصل لتفاهمات بين طرفين تَجمعهما شراكة الاستثمار بالإرهاب، وكأنهما لم يَسعيا يوماً ومعهما بقية الشركاء الكُثر لأمر مُماثل قبل أن تُحبط سورية المُحاولة البائسة.
طرحُ المناطق الآمنة تَجاوزته التطورات، وطَوته الوقائع على الأرض وفي السياسة، بل تمّ دَفنه مرّة واحدة وإلى الأبد، ذلك أنّ الحركة السياسية والميدانية التي تُمسك بها سورية وحلفاؤها بكفاءة واقتدار، لم تكتف بوأد أوهام دول منظومة العدوان، وإنما رسّخت مُعادلات جديدة وقواعد اشتباك مُختلفة لا تَسمح بحال من الأحوال لأيّ طرف مهما تَعاظمت أوهامه أن يَعود إلى نقطة لم تكن موجودة أصلاً إلا في الرؤوس الحامية المُستغرقة بأوهامها!.
ليَستيقظ اللّص أردوغان من وهمه، قد يكون مُفيداً أن يُطرَح عليه مُفارقة أو سؤالاً حول تقديراته لجهة من أكثر أهمية لأميركا باعتقاده وبمُوجب حساباته الذاتية، تُركيا أم (إسرائيل)؟.
إذا كانت أميركا قد وضعت كل ثقلها القذر، السياسي والعسكري، لإقامة منطقة آمنة في الجنوب لخدمة كيان الاحتلال الإسرائيلي، ولإتاحة فُرصة مُستدامة له للاستثمار بالإرهاب هناك، وقد خابت وفشلت، قبل أن تُسلّم بالأمر الواقع وتَبدأ مع حكومة نتنياهو حملة استجداء لإعادة قوات الفصل الدولية إلى المنطقة، وللعودة بالوضع إلى ما كان عليه قبل الحرب والعدوان على سورية، فما الحال إذاً مع ما يُطرح في الشمال؟!.
نحن نَعرف أن تركيا الأطلسية كانت دائماً الذراع الأميركي الغربي الآثم بالمنطقة، غير أنّ عجز الولايات المتحدة والغرب ومعهما كل المُلتحقين، عن فعل مُماثل بالجنوب لما يُطرح اليوم بالشمال، يَنبغي أن يُقدّم العبرة لأردوغان اللّص أولاً وقبل بقية المُتورطين بمشروع الإرهاب، الواهمين المُنفصلين عن الواقع، وأولهم أميركا!.
عبرةُ الجنوب شاخصة ماثلة لمن يَعتبر، أو لمن تتوفر لديه الرغبة بالاعتبار والاتعاظ والاستفادة من التجربة انطلاقاً من وجوب الواجب عليه لتَجنُّب تَجرع مرارة خيبة لا يَحتاجها، ذلك أنّ القرار السوري مَعروف ومُعلن وغير قابل للتعديل، إذ لا رجعة عن سحق المُرتزقة والتنظيمات الإرهابية، ولا نقاشَ سيَدور يوماً أو في أيّ وقت من الأوقات حول وحدة وسيادة سورية على كامل ترابها الوطني، وبالتالي ما على المُتهورين المارقين الذين يُصرون على اختيار الانغماس بالإرهاب ورعاية تنظيماته سوى انتظار مَصيرهم الأسود.
معاً على الطريق
علي نصر الله
التاريخ: الخميس 17-1-2019
رقم العدد : 16887
السابق