مُخطئة باريس عندما تعتقد أنها ما زالت عُقدة مُهمة وعنصراً مؤثراً في السياسة الدولية. ومُتوهمة واشنطن عندما تَعتقد أن إجراءاتها أُحادية الجانب المُوجهة ضد الشعب السوري ستُحقق لها ما عجزت عن تحقيقه بالحديد والنار، وبمُمارسة البَلطجة خلال السنوات الماضية التي استخدمت فيها كل حُثالات الإرهاب الذي صنعته بيدها الآثمة مع إسرائيل وبقية الشركاء من الأخوان والوهابيين في الخليج وتركيا، ودائماً مع باريس ولندن كطرف أوروبي ثابت.
إيمانويل ماكرون الغارق حتى أذنيه بأزمات داخلية مُتفجرة، يبدو أنه لن يَشذ عن مسار أسلافه، وتحديداً ساركوزي وهولاند، بل من الواضح أنه يَستكمل بهذه الأثناء ما تمّ البدء به وجعل فرنسا بحالة انعدام الوزن، حالها حال مَثيلاتها بالقارة العجوز المُهددة بانفراط اتحادها لأسباب مُتعددة تبدأ بتبعيتها المُذلة لواشنطن، وقد لا تنتهي باستحقاقات انخراطها بدعم الإرهاب التي يترتب عليها دفع ثمنه اليوم.
لفرنسا أن تُحرض، ولها أن تُعبر عن خيبتها وجنونها بسبب انهيار المُخطط العدواني الذي كانت وما زالت جزءاً منه، ولأميركا أن تُظهر مستويات جديدة من الطيش والعهر السياسي بتشديد الإجراءات الهستيرية ضد سورية وحلفائها، لذات السبب، الذي يدفع بآخرين من أمثال اللص أردوغان ومجرم الحرب نتنياهو للإقدام على خطوات قد تؤدي بهما للانتحار. ولنا أن نواصل الخطوات الثابتة على درب الصمود والكرامة والتصدي بإحباط معسكر العدوان وتفكيك مخططاته وتحطيمها.
كان لا بُد من أن نَرد على دول العدوان وكياناته بلغتنا الرصينة الواثقة على الدوام، واستطراداً بالرد ربما تَنفع الذكرى اليوم لجهة استحضار ما قلناه لأوروبا مرّة، لنُكرره على مسامع باريس وبمواجهتها اليوم، من أنه إذا كانت القارة قد تمّ شطبها عن الخريطة، فما الحجم الحقيقي والوزن النوعي لمن بات بلا وزن ولا مُؤهلات تسمح له بتحديد ما يجوز وما لا يجوز؟
عقوبات مجلس الاتحاد الأوروبي، مشاريع القوانين الأميركية الحالية والسابقة، وما قد يُعد لاحقاً لاستهداف شعبنا، هي حرب اقتصادية مُعلنة تَستكمل الحرب الكونية التي شارك فيها نحو مئة دولة ومئات الفصائل والأذرع الإرهابية. نعم هي كذلك، لكنّها بقاموس السوريين تمثل التحدي الذي سيَكسبه الشعب بصموده وثقته وقدراته، وبدعم الحلفاء والأصدقاء الذين يستهدفهم حلف الشيطان ذاته.
الإعلان من دمشق عن توقيع 11 اتفاقية للتعاون والشراكة في ختام اجتماعات الدورة 14 للجنة العليا السورية الإيرانية المشتركة، هو رد إضافي على معسكر العدوان يُشكل أساساً متيناً في مواجهة الحرب الاقتصادية. والإعلان الروسي الكازاخي عن موعد إطلاق جولة جديدة من مُحادثات آستنة منتصف شباط القادم، هو تَصميمٌ مُعلن لاستكمال العمل الميداني والسياسي وتَعزيزه، يُصنف في دائرة الرد على كل المُنفصلين عن الواقع، من أردوغان إلى ترامب، ومن ماكرون إلى نتنياهو، وصولاً لإمعات الخليج الوهابي.
كتب علي نصر الله
التاريخ: الأربعاء 30-1-2019
رقم العدد : 16897