اعتاد بعض الفنانين التشكيلين السوريين، على ترداد واجترار العبارات الجاهزة والمستهلكة والمتخلفة، ومن ضمنها القول: بأن الفن عندنا يسبق النقد.. والواقع ان هذه المقولة قد تكون صحيحة في الغرب، أما عندنا فالفن التشكيلي الحديث, وقع أسر التقليد منذ بداياته، والانطباعية السورية لم تكن سوى الجسر الذي عبرت عليه، كل الاتجاهات الغربية الحديثة إلى المحترفات العربية, والشيء نفسه ينطبق على النقد, الذي أخذ أدواته ومفرداته ومصطلحاته من النقد الأوروبي الحديث والمعاصر، وهذا يؤكد أننا في الفن والنقد معاً، لسنا أكثر من مستهلكين وتابعين لثقافة فنون الغرب، ولهذا يجب ان يتخلى الفنان العربي، وخاصة السوري، عن هذه المقولة الخاطئة.
وهذا يعني أننا بحاجة لمرجعيات أو ثوابت مختلفة ومغايرة، لما شهده الغرب الأوروبي، لمعرفة موقعنا في الفن والنقد، وما مدى أسبقية أو أهمية كل تجربة على حدة، فالفنان هو الذي يقدم الفن، والناقد هو الذي يقدم النقد، و كتابات الناقد الجاد قد تكون أكثر أهمية من عطاءات العديد من الفنانين، لاسيما وأن عدد النقاد شبه نادر، مقابل هذا الكم الهائل من الفنانين والأدعياء, وبدلاً من أن نباعد بين الفنانين والنقاد، ونراقب بصمت فوضى الحياة الفنية، يجب أن نتعاون ونعمل لنقارب بينهما.
هكذا نجد أن التعبير باللمسة اللونية العفوية، التي يحاول الفنان السوري والعربي أن يعبر من خلالها عن انفعالاته وهواجسه وعناصره الجمالية، هي لمسة أوروبية خالصة، حتى إن الفنان الأوروبي الحديث, كان سباقاً في إدراكه المبكر لمعنى الحداثة الكامنة في إعادة صياغة الزخارف العربية, عندما اعتمد (وخاصة هنري ماتيس وبول كلي..) على تلقائية وعفوية اللمسة اللونية، التي أيقظت تلك الزخارف والعناصر والرموز، وأخرجتها من دقتها الرياضية، وتناظرها الصارم، وبذلك أصبح من المتعذر في أحيان كثيرة توضيح صورة الاختلاف، في النهج، بين اللوحة العربية الحديثة، وبين اللوحة الأوروبية.
رؤيـــــــة
أديب مخزوم
facebook.com adib.makhzoum
التاريخ: الأحد 3-2-2019
رقم العدد : 16899
السابق
التالي