حملة تجميلية بدأتها محافظة دمشق لشوارع وأرصفة وأحياء أنهكتها القذائف الحاقدة، لتعود دمشق إلى نضارة وجهها الفتي صبية جميلة تنفض عن نفسها غبار الحرب التي ألبستها لبوس الكهولة الرمادي، وفي ذلك حق لمدينة أجارت ملايين من أبناء الوطن في محنته، كما هو حق لسكانها.
خطوة موفقة تبتدئ بها المحافظة عهدها الجديد، لتقدم الوجه المشرق لدمشق التي باتت موطن العديد من الاستثمارات التي أوقفت الحرب بعضها وحالت دون مباشرة بعضها الآخر، ولكن راهناً ومع إعلان خلو دمشق وريفها من الإرهاب وجب أن يترافق هذا النصر مع الهوية البصرية المناسبة حتى لا يلعب الإيحاء دوره في حرب نفسية جديدة.
وضمن ذات الإطار، لا بد أيضاً لكل أصحاب الأبنية الخاصة من ترميم واجهاتها وطلائها من جديد وعلى نفقتهم، لكون الواجب العام يفرض الإنفاق الخاص على الملكية الخاصة، وفي ذلك عدل نقي شفاف، دون غبن لأحد أو إجحاف بحقه، فكلنا يعرف القيم الفلكية للإيجارات التي خلقت طبقة جديدة من أصحاب الأموال، كما خلقت ضمنهم فئة من أصحاب الملايين.
أما الأهم من كل ذلك، فهو اليد العاملة التي ستباشر أعمال الترميم والتجديد مشكّلة في موزاييكها وجه دمشق ما بعد الحرب، فتجديد واجهات نصف المدينة على الأقل من القطاع الخاص، ونصفها الآخر من الأبنية الحكومية من القطاع العام، سيخلق آلاف فرص العمل التي تحتاجها اليد العاملة الموجودة في دمشق حالياً، وفي ذلك فوائد متعددة ليس أولها توفير نفقات هائلة على الخزينة العامة للدولة، ولكن نهايتها حتماً مفيدة في تلافي شعور الخواء والانقياد خلف أي مغريات بدخل منتظم ولو قليل..!!
الدولة لم تقصر في أحلك ظروف الأزمة، ومتطلبات الإنفاق هائلة لا نهاية لتشعباتها وبغير التعاضد لن يكون من وجه مشرق لسورية ما بعد الحرب، والبداية ولا شك انطلقت من دمشق، وكما هي قلب البلاد وعاصمتها ستلعب دور القلب في ضخ المشاريع والاستثمارات الكفيلة بنقلة نوعية للاقتصاد الوطني، لنعيد الزمن إلى الوراء حتى سنوات ثمان مضت.
الكنـــــز
مازن جلال خيربك
التاريخ: الأحد 3-2-2019
رقم العدد : 16899
السابق
التالي