من البديهي أن التطور الإداري مرتبط بتطبيق اللامركزية في اتخاذ القرار فكلما كان النظام الإداري لامركزياً كنا في درجة من التطور الإداري كفيلة بتحقيق المزيد من التبسيط في الإجراءات بالنسبة لمتلقي الخدمة وهو المواطن، أي أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح..
الحكومة ممثلة برئيس مجلس الوزراء أصدرت تباعاً العديد من القرارات التي نصت على منح تفويض في الصلاحيات للوزراء والمحافظين لقضايا وحالات محددة هي في حقيقة الأمر تندرج في إطار تطبيق اللامركزية في اتخاذ القرار ومنح مزيد من التسهيلات والتبسيط في الإجراءات وهنا ثمة تجربة مهمة طبقتها الدولة السورية تتمثل في مراكز خدمة المواطن والتي أتاحت المجال للحصول على حزمة من الخدمات من نفس المكان وخلال وقت مختصر واليوم أصبح هناك كم لا بأس فيه من المراكز التي تقدم هذه الخدمات وهي منتشرة في أغلب المحافظات السورية..
رغم ما تقدم إلا أن هناك لوماً وعتباً وربما امتعاض وجه للحكومة في أنها تكرس للمركزية وتبعد عن اللامركزية حيث وجه هذا اللوم خلال الاجتماع الأخير الذي التقى فيه رئيس مجلس الوزراء بالمحافظين حيث أبدى البعض امتعاضه من قرارات صدرت عن رئيس مجلس الوزراء تندرج في إطار تكريس المركزية، حيث تم التوجيه بضرورة الحصول على موافقة من رئاسة المجلس حول بعض القضايا على الرغم من أنها تندرج في صلاحيات المحافظين.
المشكلة أن هذا الموقف تنطبق عليه مقولة -كلام حق يراد به باطل- فالذي جرى يتمثل في أن الامتعاض انحصر في حالتين اثنتين إحداها لها علاقة بعد جواز الاستثناءات والتصرف في أملاك الدولة من حيث طرحها للاستثمار (الإيجار) دون موافقة من رئاسة مجلس الوزارء واعتقد أن التوجه نحو المركزية في هذا الإطار جاء في إطار سد الذرائع منعاً لأي حالة فساد أو محاباة قد تحدث، علماً أن رئاسة مجلس الوزراء وبالتحديد رئيس مجلس الوزراء لم يشهد له أي حالة موافقة على استثناء بأي شكل من الأشكال وهو أمر قد أكده مراراً وتكراراً على رؤوس الأشهاد.
التوجيه نحو اللامركزية هو أمر إيجابي إلا أنه بحاجة لحالة من المثالية غير موجودة في الوقت الحالي خاصة مع قلة الموارد وأيضاً الخوف من الفساد وهنا من الحكمة أن يتم مسك العصاة من الوسط إلى حين التعافي وعودة الأمور إلى حالتها الطبيعية.
على الملأ
باسل معلا
التاريخ: الأحد 3-2-2019
رقم العدد : 16899
السابق
التالي