بعيـداً عــن الدســم الثقافي والكوليسـترول المعــرفي..!!

في رواية «أيام معه»، تذكر الأديبة كوليت خوري على لسان بطلتها «ريم» أن متعة الأكل التي تتشاركها وصديقتها المقرّبة، هي أعظم متع الحياة جميعاً.. إلى أن تدرك معنى الحب وتهوى الموسيقا و زياد.. لتنزاح متعتها الأولى في قائمة اهتماماتها لصالح متعتها المكتشفة حديثاً.
هكذا يحلّ «الحب» بكل ما فيه من مباهج، محلّ الطعام والأكل.. والأصح أن حالة الأكل هي ما كانت تسدّ فراغَ عاطفةٍ بقدسية الحب.
لعلها حالة مقارنة أو استبدال غير مقنعة ولا هي مُرْضيّة بالنسبة لمن يعلون من شأن عاطفة الحب لأنها أولى اهتماماتهم.. وتتربّع على قمة أولوياتهم.. فلا حياة ممكنة دونها.
هل يمكن للطعام أن يكون سبب متعة كافية باعثة على الحياة.. بحيث يصبح مقصداً جمالياً بحدّ ذاته..؟
متى تتحول حاجاتنا البيولوجية إلى غاياتٍ كبرى.. وقادرة على تفريغ كل شحنات السلبية العالقة بنا من مشاحنات يومية..؟
في أحيان كثيرة.. يصبح الإقبال على الطعام حاجة تعويضية نتيجة نقص ما أو إفراط في شيء آخر..
هل يعني ذلك أننا نقبل على ملذات الأكل ودسم الأطعمة هروباً من شرور أكثر خطراً..؟!
كأن نهرب، على سبيل المثال، من أفكارٍ دسمُها هو عين مقتلها..
هل يتورّط المثقفون بنوع من الدسم الثقافي..؟
متى يصبح الحشو الثقافي خطراً على الصحة الذهنية والعقلية، بمثابة خطر الكوليسترول على الصحة البدنية..؟
كلما تعمّقنا في أسرار المعرفة وزاد منسوب اطلاعنا، تأكّدت لدينا حقيقة جهلنا.. وهو تناسب يزداد اطّراداً بين تراكم المعرفة والثقافة التي نمتلك وبين إدراكنا حقيقة الجهل وعدم قدرة الإحاطة بكل شيء.. اطّرادٌ يزيد مع تراكم سنوات العمر.
ثمة نوع من المطلعين، أو لنقل، تجاوزاً، المثقفين.. يعتقدون أنهم ببضع قراءاتهم وبعض كتبهم أصبحوا عالمين بكل شيء.. هؤلاء يعيشون مرحلة الوهم ومقاومة الحقيقة والتغيير.
وأحب أن أعتقد أن مقدار معارفهم وحجم ثقافتهم فعلَ في عقولهم وأذهانهم فعل الدسم الزائد في أحشاء أيٍّ منا.. فورّثهم التخمة وعدم القدرة على استكمال المعرفة الحقة والخبرة الناضجة.. فتصلّبت آراؤهم وتحجّرت رؤاهم.
ثقافتهم لا تمّس الجوهر ولا تحاكي المضمون بل ثقافة انتفاخات سبّبها الدسم، وتورّمات عطّلت موطن التفكير الصحيح في عقولهم نتيجة تراكم كوليسترول عرقل وصول تروية حقيقية لهواء الرؤية الصائبة.
الكثير من المعرفة غير المعقلنة والثقافة غير الموظّفة في مكانها الصحيح، يصيب بالوهن والضعف بدلاً من الغاية الحقيقية لكل منهما.. هكذا تصبح المعرفة ليس كما قال عنها الفيلسوف الفرنسي إدغار موران «مغامرة لايقينية» وحسب، إنما مغامرة غير محسوبة العواقب.
lamisali25@yahoo.com

 

لميس علي
التاريخ: الأربعاء 13-2-2019
الرقم: 16908

 

 

 

 

 

آخر الأخبار
٥٠ منشأة صناعية جديدة ستدخل طور الإنتاج قريباً في حمص الإعلام على رأس أولويات لقاء الوزير مصطفى والسفير القضاة وزير الإدارة المحلية والبيئة يوجه بإعادة دراسة تعرفة خطوط النقل الداخلي سجن سري في حمص يعكس حجم الإجرام في عهد الأسد المخلوع ميشيل أوباما: الأميركيون ليسوا مستعدين لأن تحكمهم امرأة لجنة السويداء تكسر الصمت: التحقيقات كانت حيادية دون ضغوط الضرب بيد من حديد.. "داعش" القوى المزعزعة للاستقرار السوري من الفيتو إلى الإعمار.. كيف تغيّرت مقاربة الصين تجاه دمشق؟ انفتاح على الشرق.. ماذا تعني أول زيارة رس... تفعيل المخابر والمكتبات المدرسية.. ركيزة لتعليم عصري 2.5 مليار يورو لدعم سوريا.. أوروبا تتحرك في أول مؤتمر داخل دمشق مغترب يستثمر 15 مليون دولار لتأهيل جيل جديد من الفنيين بعد زيارة الشيباني.. ماذا يعني انفتاح بريطانيا الكامل على سوريا؟ فيدان: ننتظر تقدّم محادثات دمشق و"قسد" ونستعد لاجتماع ثلاثي مع واشنطن وفود روسية وتركية وأميركية إلى دمشق لمناقشة ملف الساحل وقانون "قيصر" رغم نقص التمويل.. الأمم المتحدة تؤكد مواصلة جهود الاستجابة الإنسانية بسوريا بين "داعش" و"قسد" وإسرائيل.. الملفات الأمنية ترسم ملامح المرحلة المقبلة المنطقة الصحية الأولى بجبلة.. نحو 70 ألف خدمة في تشرين الأول تفجير المزة.. هل حان وقت حصر السلاح بيد الدولة؟ عودة محطة بانياس.. دفعة قوية للكهرباء واستقرار الشبكة نحو شوارع أكثر نظافة.. خطوات جديدة في حلب