الملحق الثقافي_ عقبة زيدان:
في جمهورية أفلاطون، يقسم سقراط الفن إلى ثلاثة أنواع: فن الاستعمال، وفن الصنع، وفن محاكاة ما صُنع. ويكون الفنان – ومثاله هوميروس – من النوع الثالث، أي أن هوميروس ليس سوى محاكٍ للطبيعة ومقلد لها، ولا يصل إلى الحقيقة أبداً، لأنه لا يعرف شيئاً عن الوجود الحقيقي. وبما أن الفن بعيد كل البعد عن العقل والقياس، فهو إذاً تافه يقترن بما هو تافه وينجب ما هو تافه.
إن الجزء العقلاني من الروح، هو ما يهتم به أفلاطون، وبما أن هوميروس وشعراء التراجيديا يستخدمون الجزء الأدنى قيمة من الروح، ذلك الجزء الذي يستغله الشعراء ويغذونه، فيضعفون العقل. فالعقل سمة رجولية، بينما الشعر فهو من صفات المرأة. ويتابع أفلاطون «إذا سمحنا بدخول عروس الشعر المعسول سواء في الملاحم أو الشعر الغنائي، فحينئذ تحكم دولتنا اللذات والآلام بدلاً من القانون والعقل البشري الذي تقرر بالإجماع أنه خير الأمور».
وهكذا فإن أفلاطون يقلل من شأن الشعراء، في مقابل إعلائه من شأن الفلاسفة، ويستشهد بقيثاغورث الذي كان له أتباع كثيرون. وهو بهذا يريد جمهوريته جمهورية عقل خالصة، لا فن فيها ولا جمال. وحين يوافق على وجود الشعر، فإنه يضع له شروطاً، تخرجه من دائرة الشعر، وهي أنه يجب أن يكون مفيداً وصادقاً.
الشعراء – الذين لا يمكن اعتبارهم جادين في سعيهم وراء الحقيقة، حسب أفلاطون – عاجزون عن الدفاع عن أنفسهم، وعلى من يصغي إليهم أن يأخذ جانب الحذر اتقاء للغواية، وأن يجعل كلام أفلاطون قانوناً حرصاً على سلامة بلده.
حسب أفلاطون لا يكون هناك شعر، ولا ربات للفنون، ولا شعراء يجلبون أغانيهم من الينابيع المعسولة ويقتطفونها من حدائق آلهة الفنون ووهادها. ولن يعود هناك كائن خفيف مجنح مقدس لا يمكنه أن يبدع إلا إذا تجرد من عقله، وعندها سيفقد العالم سحره وفتنته.
التاريخ: الاثنين19-2-2019
رقم العدد : 16912