الخـــداع الأميركــــي وجديـــــد محـــاولات الانقــــلاب علـــى قــــرار الانسحـــاب

واشنطن تنقل إرهابيي داعش من مكان إلى آخر بطائراتها، وتصرح الناطقة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، بأن الولايات المتحدة سوف تبقي في سورية وحدة صغيرة بذريعة حفظ السلام تتألف من 400 جندي، فعن أي سلام تتحدث وآلاف الأطفال تم ترويعهم بسبب الغارات الأميركية في الجزيرة السورية؟
القوات الأميركية لا تريد أن تغادر سورية إذ تقوم أجهزة الاستخبارات الأميركية بجمع معلومات تخدمها في تموضعها الجديد بعد أن نقلت عناصر من تنظيم داعش إلى منطقة الحدود الطاجيكية في أفغانستان، وثمة معلومات أخرى توضح المشهد: لقد تم نقل الدواعش الذين أطلق سراحهم من سجن باكستاني، بطائرات أميركية إلى الخاصرة الروسية، وهو الأمر نفسه الذي فعلته أميركا عند تشكيل داعش في العراق قبل سنوات، عندما أطلقت الإرهابيين من السجون ومنهم أبو بكر البغدادي.
وعلى حين تقول الولايات المتحدة إنها تريد سحب قواتها من سورية، فإن الشاحنات الأميركية المحملة بالأسلحة والذخيرة لا تزال تنقل السلاح لعملاء أميركا في سورية (معلومات عن قافلة تتألف من 200 شاحنة من الأسلحة والمعدات) تنتمي إلى ما يسمى التحالف الدولي المزعوم لمحاربة داعش قبل يومين في مطار عين العرب شمال شرق حلب، والسؤال ضد من ستوجه هذه الترسانة، فهي لن تكون موجهة ضد الإرهابيين، بل ضد سورية، و لدعم الـ 400 جندي الأميركيين، إضافة لطلب واشنطن من حلفائها في (الناتو) بالحلول مكانها، وتحديدا فرنسا وبريطانيا لتقوما بمعظم أعمال العدوان بالوكالة عنها، تحت مسمى العمل الذي يجب القيام به في سورية.
من جهته الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون قد يذعن للطلب الأميركي بزيادة عديد الجنود الفرنسيين، بعد الضغط عليه بنية أميركا إعادة الإرهابيين الفرنسيين إلى فرنسا، ومن هنا يصرح ماكرون الآن أن ليس ثمة برنامج لعودة من أطلق عليهم (الجهاديين) أي الإرهابيين بل إن محامية فرنسية (ماري دوسيه) تتهمه بالتخلي عن الأطفال الفرنسيين وتقصد أبناء الدواعش الفرنسيين.
وفي مؤتمر صحفي أجراه ماكرون في العراق حول قرار ترامب قبل أيام أبدى نيته بإبقاء بعض قواته في سورية ولكن ليس إلى الحد الذي تريده واشنطن حسبما صرّح وأنه لن يقوم»بالعمل» بدلاً من الأميركيين في (الجزيرة السورية)، ولكن يُستشعر من الكلام أنه للاستهلاك الداخلي الفرنسي في ظل تململ الفرنسيين من سياسات واشنطن، وفي ظل وجود احتجاجات على سياسات ماكرون الذي يفعل مثلما فعلت بريطانيا عندما أرسلت جنوداً إلى سورية في مخالفة صارخة لقرار البرلمان البريطاني بعدم إرسالهم.
وتميل الأعمال والتحركات العسكرية لحلف العدوان إلى التدحرج نحو مواجهة واسعة النطاق، لأن الإرهابيين الذين يستفيدون من الدعم اللوجستي والعسكري الأميركي والغربي بالإضافة إلى تواطؤ تركيا، أطلقوا قبل يومين هجومًا عنيفًا ضد مواقع الجيش العربي السوري وحلفائه على تخوم إدلب، وخاصة الهجوم الصاروخي الذي شنه إرهابيو جبهة النصرة بصواريخ موجهة أميركية الصنع مضادة للدبابات، ربما تكون من ذات الأسلحة التي وصلت حديثا…ومثل هذه الهجمات لا يمكن أن تتم بدون الدعم المباشر من الولايات المتحدة وفرنسا ، حيث لم تخلِ واشنطن قواعدها في الجزيرة السورية وريف حلب الشرقي.
وما يزيد التوتر أيضاً محاولات تركية لإنشاء منطقة عازلة في الشمال السوري لتسهيل تقطيع سورية، ما قد يؤدي إلى مواجهة حتمية مع سورية وحلفائها، فهل فرنسا مستعدة لمواجهة الجيش العربي السوري وحلفائه، في الوقت الذي يستعد فيه الجيش العربي السوري لتحرير إدلب.
لقد أصدرت سورية وروسيا، أمس الأربعاء، بيانا مشتركا يدعو القوات الأميركية والغربية إلى الرحيل من سورية، إذ يمثل الإبقاء على مئات الجنود في الجزيرة السورية بذريعة «حفظ السلام» الخادعة تراجعا أميركيا عن الانسحاب، وتعد فرنسا وبريطانيا الدولتين الأوروبيتين الوحيدتين اللتين تنشران قوات على الأرض السورية ضمن التحالف الأميركي لتقديم التدريب والدعم اللوجيستي والاستخباراتي لعملاء أميركا في قسد.
وما زال من غير الواضح ما هي الخطة التي طورتها الولايات المتحدة لمواصلة التأثير في الوضع في سورية، والآن يتبجحون بأنهم يريدون أن يلعبوا دور قوات حفظ السلام لاستكمال مخططهم الرامي إلى زعزعة وحدة سورية، وطرد السوريين العرب من الجزيرة وكذلك السوريين من مناطق في حلب على خلفية التوتر الذي ما زال يرتفع في إدلب.
السياسة الخارجية الأوروبية لن تستطيع التخلص من تبعات التاريخ الطويل لتدخلها في بلدان مختلفة من العالم كفنزويلا وليبيا وسورية..إلخ، وتريد منع تمويل إعادة الإعمار في سورية، في الوقت الذي دعت فيه الصين لزيادة المساعدات في سورية بلسان نائب الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة وواجب دعم الحكومة السورية وشعبها بشكل فعال في إعادة البناء الاجتماعي والاقتصادي للبلاد من أجل تهيئة الظروف المواتية لعودة اللاجئين، والذي قال إن مستقبل سورية لن يقرره سوى شعبها دون تدخل خارجي، مضيفا أنه يجب على المجتمع الدولي احترام الحكومة السورية وجهود شعبها لحماية أمن واستقرار البلاد.
أميركا تجهض قرار الانسحاب من سورية لتنفيذ إستراتيجية احتلال مقنّع تمارسه على جزء من الأراضي السورية لمنع إعادة الإعمار وإبقاء الدولة السورية منشغلة بتحرير أراضيها واستنزاف أي تنمية سورية بإبقاء الحرب ومنعها من استثمار انتصارها.
وما زالت أميركا تنسق مع وحدات (درع الفرات وغصن الزيتون) التركية ومع ما يسمونه الجيش الحر العميل لتركيا، وحتى لو سحبت قسما من قواتها فلديها مرتزقة بالوكالة إضافة إلى عناصر الجيش التركي الذين يزجهم أردوغان في سورية لوقف تقدم الجيش العربي السوري باتجاه الشمال، فالأميركيون والغربيون ومعهم الأتراك أعداء سورية ولن يغيروا جلودهم، ويجب عدم الثقة بأي كلام صادر عنهم ككلام ترامب عن الانسحاب أو كلام أردوغان في سوتشي ووعوده لبوتين.

 

منير الموسى
التاريخ: الخميس 28-2-2019
الرقم: 16920

 

 

 

 

 

آخر الأخبار
غياب ضوابط الأسعار بدرعا.. وتشكيلة سلعية كبيرة تقابل بضعف القدرة الشرائية ما بعد الاتفاق.. إعادة لهيكلة الاقتصاد نقطة تحول.. شرق الفرات قد يغير الاقتصاد السوري نجاح اتفاق دمج قوات سوريا الديمقراطية.. ماذا يعني اقتصادياً؟ موائد السوريين في أيام (المرق) "حرستا الخير".. مطبخ موحد وفرق تطوعية لتوزيع وجبات الإفطار انتهاء العملية العسكرية في الساحل ضد فلول النظام البائد..  ووزارة الدفاع تعلن خططها المستقبلية AP News : دول الجوار السوري تدعو إلى رفع العقوبات والمصالحة فيدان: محاولات لإخراج السياسة السورية عن مسارها عبر استفزاز متعمد  دول جوار سوريا تجتمع في عمان.. ما أهم الملفات الحاضرة؟ "مؤثر التطوعي".. 100 وجبة إفطار يومياً في قطنا الرئيس الشرع: لن يبقى سلاح منفلت والدولة ضامنة للسلم الأهلي الشيباني يؤكد بدء التخطيط للتخلص من بقايا "الكيميائي": تحقيق العدالة للضحايا هدوء حذر وعودة تدريجية لأسواق الصنمين The NewArab: الشرع يطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للانسحاب من جنوب سوريا "The Voice Of America": سوريا تتعهد بالتخلص من إرث الأسد في الأسلحة الكيماوية فيدان: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا استفزاز جامعة دمشق تختتم امتحانات الفصل الأول حين نطرح سؤالاً مبهماً على الصغار تكلفة فطور رمضان تصل إلى 300 ألف ليرة لوجبة متواضعة