كلنا يعرف أننا نعيش حالة حصار، ويجب أن نتعامل معها بشكل إيجابي ومُتعاون، إن معركة الحصار هي معركة قائمة بحد ذاتها، هي معركة كر وفر تُشبه المعارك العسكرية.
هذه مُحاولة لاختزال مَضامين إحدى الجُزئيات المُهمة التي أتى السيد الرئيس بشار الأسد على تَفصيلها بعمق وطني خلال لقائه مجالس الإدارة المحلية، هدفها الإضاءة على أهمية وعي المُجتمع لمَسارات الحرب المُستمرة التي تَستهدف سورية، مُجتمعاً، دوراً وموقعاً.
حالة الحصار، حالة اقتصادية بأبعاد سياسية، ومعركته التي نَخوضها سياسية بامتياز، مُنطلقها سيادي، ونتائجها لا تقل أهمية عن نتائج المعركة العسكرية التي يُسجل فيها جيشنا الإنجازات العملاقة والانتصارات الكبرى الناجزة، ولأنها كذلك، وبهذه الأهمية، فقد احتلت تلك المساحة من الاهتمام.
مُحاولة التضييق والحصار بفرض مَنظومة دول العدوان إجراءات قسرية وعقوبات جائرة أحادية الجانب ضد الشعب السوري، هي بالمعيار القانوني استهداف وعدوان، وبالمعايير الأخلاقية هي إرهاب وفجور، وفي الواقع هي تعبير مباشر عن عجز الأطراف التي تلجأ لها، بل هي دليل قاطع على إفلاسها.
المواد الغذائية، الأدوات الطبية والمواد الأولية المُستخدمة بصناعة الدواء، التقنيات، المحروقات ومُستلزمات إنتاج الطاقة، إلى جانب المصارف وسواها .. هي ما تمّ تشميلها بالإجراءات القسرية، أي أنّ مسرح الاستهداف للدولة المُقاومة الصامدة التي نجحت بصد العدوان والهجمة الشرسة، والتي استطاعت فضح المؤامرة وتَعرية مُخططات الحرب والأطراف المُنخرطة فيها، هو المُجتمع، الشعب، الذي بقي مُتمسكاً بوطنه، أرضه، كرامته، جيشه وقيادته.
من هنا، من هذه النقطة السيادية الجوهرية. وانطلاقاً من أنّ هذه الإجراءات الظالمة، إنما هي تعبير عن العجز والإفلاس، ينبغي لنا أن نُدرك أهمية أن نَتعاطى مع معركة الحصار بشكل إيجابي ومُتعاون، ليس فقط لإحباط ما يَنتظره معسكر الأعداء من مُمارسة الضغط على المُجتمع بهذه الأدوات، وإنما لتَثمير الإنجاز العسكري بالصمود ودحر التنظيمات الإرهابية، وللتأكيد على أنّ مُجتمعاً أسقط أشرس هجمة في التاريخ ينبغي ألا يَرضى بأقل من أن يَستكمل حالة الثبات والصمود بتحدي إجراءات الحصار بروح التعاون والإيجابية.
كي لا نُتهم بالتنظير، وكي لا نَنأى عن العملي بترجمة ما تَقدّم، دعونا نَتحدث بجرأة عن أمراضنا الذاتية، نُشخصها، ونُعالجها بمحاولة جدية لتَعديل سلوكنا اليومي، كيف؟.
نُعاني منذ أسابيع بسبب الحصار أزمة بتوفير مادة الغاز المنزلي، قد صارت الأغلبية بالمجتمع على مَعرفة بالأرقام، إنتاجنا من هذه المادة وحاجتنا المُستوردة منها، ما يَعني أننا جميعاً نَعي الفَجوة، ونُحيط بجوانب وصعوبات توفيرها، فلماذا إذاً لا نَتعامل معها بإيجابية وبروح مُتعاونة؟ بمعنى آخر لماذا لا نُشير مباشرة للمُحتكرين؟ ولماذا نَمتنع عن تقديم الشكوى ضد المُتلاعبين بالأسعار وبعملية التوزيع؟ ولماذا يَلجأ أحدُنا لكل الأساليب لاستبدال كل الأسطوانات الفارغة لديه؟!.
في بعض منازلنا يوجد 6 أسطوانات، أثناء الوَفرة لا يَهتم أحدُنا إن كانت مَملوءة أم فارغة، لكنّه في الأزمة يَسعى لاستبدالها والاحتفاظ بها، فهل ذلك إلا إسهام بتَعميق الأزمة بدلَ أن يكون مُتعاوناً وإيجابياً، يَكتفي بواحدة احتياطية؟، إنّ ما يَصح بأسطوانة الغاز يَنسحب على ربطة الخبز وسواها في أوقات الأزمة!.
لماذا عَليَّ أن أَحتفظ بعدد لا أحتاجه من أسطوانات الغاز في الأزمة، وبمثله من ربطات الخبز فيما واحدة تَكفيني وتَسد حاجتي؟ الخطوة الإيجابية الأولى للقبض على سبل تخفيف أي أزمة، والتعاطي معها بتعاون ومسؤولية هي أن نَطرح هذه الأسئلة على أنفسنا لتَعديل سلوكنا الخاطئ، وعلى التوازي يَنبغي ألّا نَتخلف عن واجبنا بالإشارة إلى المُقصرين والفاسدين والمُهملين والمُحتكرين والمُتلاعبين والمُستغلين، الذين يَرتبط وجودهم بالأزمة، ويَلعب كل منهم دوره بتَعميقها، وتفاقمها.
معاً على الطريق
علي نصر الله
التاريخ: الخميس 28-2-2019
رقم العدد : 16920
السابق
التالي