ليست الحياة وردية دائماً، وفي كثير من الأحيان تجري الرياح بما لاتشتهي السفن، وربما تأخذنا مجريات الحياة إلى طريق مسدود نشعر فيه بنهاية كل شيء، وأننا بانتظار القدر علّه ينصفنا وينقلنا إلى عالم جديد فيه بريق من الأمل.
وثمة أناس جرتهم الخطيئة إلى عالم الجريمة، ولاندري ماهي دوافعهم وكيف تاهت بوصلتهم لتكون واحدة من محطات حياتهم تقبع خلف القضبان، حيث تتوقف عقارب الزمن وتمضي الأيام تباعاً متشابهات لالون لها ولاطعم بين أناس لايجمعهم بهم إلا عالم الخطيئة وفي كثير من الأحيان الجريمة.
ويصبح كل شيء مغلفاً بطعم مرارة السجن والحرمان وفقد الأحبة والأهل وربما العائلة والأطفال إلا من وراء حجاب» القضبان» ولكن هل حقا تتوقف عجلة الزمن هنا، أم أن هناك لاتزال في الجعبة أحلام وردية تنتظر أن يفرج عنها وتطير بهم إلى عالم الفرح والحرية؟
في البرنامج» حياة خلف القضبان» الذي يعرض على شاشة الفضائية السورية، سيناريو وإعداد دعد الأيوبي وإخراج نبيل الراسي، تدخل الكاميرا إلى سجن عدرا للرجال لترصد حياة تلك الفئة خلف القضبان وكيف يستثمر البعض منهم هذه الفترة طالت أو قصرت في الدراسة أو تعلم مهنة معينة تكون له عوناً بعد قضاء فترة الحكم.
وهذا بالطبع يحيلنا إلى الامكانات التي توضع في خدمة النزيل المحكوم لرفع سويته المهنية والتعليمية، وقد استطاع البرنامج أن يقدم نماذج حية من وراء القضبان لشبان يتابعون دراساتهم ويحلون على الشهادة الاعدادية والثانوية، ومنهم من أتقن مهارات وتقنيات الحاسب والعمل في السجن والحصول على أجر يكفيه احتياجاته من المتطلبات.
ومن جهة أخرى يقف عند إرادة البعض بأن الحياة يمكن أن تستمر حتى خلف القيود والقضبان، وهذا بالطبع يتطلب المزيد من الجهود والأمل بأن القادم أجمل، وأن الخطيئة ليس هي نهاية الحياة، بل هي وقفة مع الذات وجردة حساب لتصويب الخطأ والبدء من جديد بمزيد من التجربة التي رغم قسوتها لكنها ستكون حافزاً للعمل ضمن معايير أكثر صوابية وأكثر دراية.
وعندما يسلط برنامج ما الضوء على تجارب الآخرين، ففي ذلك عبرة وعظة للآخرين للعمل ضمن أسس تربوية وأخلاقية سليمة بعيدا عن إيذاء الغير، وعلى الجانب الآخر بعيدا عن إيذاء النفس والأهل والأحبة، فالوطن يحتاج أبناء بررة به يسعون إلى بناء صروحه عالياً.
وعندما يسعى التلفزيون السوري وضمن برامجه إلى الوقوف عند شرائح المجتمع كافة وفي ظروفهم المتباينة، فهو يحقق تلك المصداقية التي نطمح لها عبر إعلامنا بعيدا عن تجميل الصورة، بل الوقوف بموضوعية في تقديم الحقائق المجتمعية سلبا أو إيجابا، وفي ذلك يقترب من هموم الناس وقضاياهم ومعاناتهم واحتياجاتهم، ليكون صوتهم وضميرهم الحي الذي يسعى وبالتعاون مع الجهات المعنية للوصول إلى حلول تثلج صدورهم وتهدىء من روعهم وتشعرهم بأن صوتهم يلقى آذانا صاغية لدى أصحاب الشأن والقرار.
وهذا مانأمله من إعلامنا على اختلاف أشكاله أن يعيد الثقة مع جمهوره ويخلق وشائج من التعاون وتبادل الأفكار والمقترحات من أجل بناء أكثر قوة وعلاقات أكثر صدقاً وتفاعلاً، فالجميع معني بنهضة البلاد ورفعتها.
فاتن أحمد دعبول
التاريخ: الأحد 17-3-2019
رقم العدد : 16933