بَيانٌ لاجتماع الجامعة في تونس – يُوصف الاجتماع بلقاء القمة – سيَصدر، لكن ما مُحتواه؟ ما الذي سيَتضمنه؟ هل فيه بند واحد يعكس حاجة حقيقية أو لا ينطوي على نفاق؟ بل هل فيه كلمة صدق يمكن أن يَنطق بها بعد كل الذي جرى؟.
يَسأل كثيرون: ما القضايا التي سيُجمع عليها المُجتمعون؟ ويُضيف آخرون: إذا كانت فلسطين قد باتت مَوضع خلاف، وإذا كان الكيان الصهيوني الذي يَحتلها ويُهودها قد صار حَليفاً استراتيجياً مُعلناً للأعراب الذين يَختطفون الجامعة، فما قيمة أيّ بيان يَصدر عنها ازدحم بعبارات الدَّجل أم بالمواقف المُنافقة؟.
تَتكاثر الأسئلة على جانبي هذه التساؤلات، وامتداداً لها، لتَصل إلى ما هو أشد إيلاماً: لماذا يَستمر بعض المُتمسكين بالعروبة من المؤمنين بالقضية وبالعمل المُشترك في المُثابرة على الحضور وعدم التَّخلف عنه؟ لأمل بإحداث تَغيير أم لخَشية من حماقات الذين ما اكتفوا بالخيانة والتَّخلي والطَّعن؟.
بكل الحسابات، بَعيدة المدى، وبالأقل من أن تُوصف بالاستراتيجية، صار واضحاً أن الجامعة ليست إلا جسر عبور لمُخططات الغرب والصهيونية ومَطية لتحقيق غاياتهما الشيطانية، باستهداف المنطقة، الأمة، فلسطين وكل من يَدعم قضيتها وحقوق شعبها بالعودة، بالقدس، بالتحرير، وبتقرير المصير.
بالحسابات كلها، يَنبغي للذين ما زال لهم رصيد شعبي يُقدر لهم تَمسكهم بالثوابت الوطنية والقومية، أن يَخرجوا من الجامعة التي أصبحت كالنادي الذي لا يَضم سوى الوهابيين والإخوان، ببساطة لأن شيئاً لا يَجمعهم مع من يَختطفها، ولأن هذا الخروج سيكون كرصاصة الرحمة التي يجب إطلاقها، فضلاً عن أن الخروج منها سيُفقدها شرعيتها الزائفة لجهة تَمثيل الدول العربية.
الحساباتُ الصحيحة هي الحسابات الوطنية، الشعبية، القومية. هي حسابات الثّبات على الحق التي لا تُجيدها سوى سورية عمود السماء وخيمة العروبة وسَند المقاومة، استُهدفت لأنها كذلك، لكنها بَقيت الحصن الحصين لفلسطين والمُقاومة، وهي بانتصارها على الإرهاب التكفيري – الصهيوني صارت أقوى، وبإسقاطها مشاريع الهيمنة والتّفتيت صارت أصلب، وبصمودها وتَصديها لإجراءات الحصار وحزم العقوبات الجائرة التي لم تَنته بعد أمست القلعة للكرامة والمَبعث الحصري للفَخار والاعتزاز.
صفقة القرن ستَبقى حبراً على ورق الواهمين، الأعداءُ منهم والمُطبعون، وفي كل الحالات لن تكون رعونة دونالد ترامب باتجاه القدس والجولان إلا حماقة العاجز، على أنّ العلاقة القائمة، من جهة، بين الصفقة إياها وبين حماقات ترامب، ومن جهة ثانية بين نفاق المُنافقين من الأعراب والمُلتحقين بهم الذين يُراد لهم أن يكونوا الحامل، ستبقى بلا قيمة وأعجز من أن تُغيّر بحقائق التاريخ شيئاً، مهما تَباينت عناصرها ومهما تَعددت دوافعها التي تتوزع على القوس المُمتد بين السياسي والتلمودي، طالما عين سورية يقظة كعين حارس أمين مُتحفز، فكيف إذا كانت عمود السماء الذي تُختزل فيه كل الحسابات الصحيحة؟.
علي نصر الله
التاريخ: الأثنين 1-4-2019
رقم العدد : 16945