الملحق الثقافي.. عقبة زيدان
إنه لمن الطبيعي والمنطقي أن يدعي كاتب ما بأنه أبٌ شرعي للنص الذي وضع اسمه عليه، مع أن أي نص هو مجموعة من النصوص السابقة عليه، وقد خلقته القراءة من كمّ النصوص الكثيرة. إنه ولادة جديدة تستحق الوجود.
يقول وايتهيد: «إن الفلسفة الغربية هي حواش على أفلاطون». وبهذا المعنى فإن نسب هذا الكمّ الهائل من الدراسات الفكرية عبر القرون إلى أفلاطون، سيشرع أبوة أفلاطون لنصوصه، وهو أمر قابل للشك، لأن أفلاطون أيضاً أقام نصوصه على نصوص سالفة، منها الهندي والصيني والفرعوني.
هناك من يقرأ نصاً ويعيد تشكيله في عملية معقدة، ويكرر العملية تراكمياً، إلى أن تصبح مجموعة النصوص من مكونات ذاكرته. وهو عندما يبدع نصاً، فإنه يدرك أن ما كتبه يحمل مورثات تلك النصوص التي قرأها. وكما تتكرر المورثات إلى ما لانهاية، كذلك يحدث مع النصوص، إذ مع تتالي القراءات، تحدث نصوص جديدة وتتوالد منها هي أيضاً نصوص أخرى.
لا يمكننا أن نعثر على نص نقي أولي، وإذا ادعينا ذلك، فإننا بالتأكيد لم نجد ما سبقه بعد، واضطررنا إلى الاعتراف بأبوته، مع أننا سنتراجع عن ذلك أمام أي اكتشاف جديد.
إن القراءة الذكية لنص ما تخلق نصاً، وهذا تجاوز للنص السابق، وإضافة أيضاً، حتى ولو كانت من نصوص أخرى. والنص الجديد هو لصاحبه بالتأكيد، وليس للآخرين، لأن إضافته عليه جعلته يمتلك مورثات جديدة. وهذه المورثات ستكون أساساً لنصوص قادمة، وقراءات كثيرة.
التاريخ: الثلاثاء2-4-2019
رقم العدد : 16946