وسط التكالب على سورية ومحاولة قضم أجزاء منها لتقديمها هدية للكيان الصهيوني ، ربما من المفيد تذكّر واحد من الأفلام الهامة والذي يُعتبر في أحد أوجهه بمثابة وثيقة لما جرى في الجولان ، خاصة فيما يتعلق برفض أهله الهوية الاسرائيلية والتمسك بالهوية السورية الجامعة .
إنه فيلم (الهوية) إخراج غسان شميط ، وسيناريو مشترك بينه وبين وفيق يوسف وإنتاج المؤسسة العامة للسينما عام (2007) ، حيث حمل الفيلم هماً وطنياً وقومياً طارحاً من خلال أحداثه مجموعة من الأفكار التي تصب في إطار الدفاع عن الأرض ، كما يلقي الضوء على معاناة أهلنا في الجولان المحتل ورفضهم الهوية الإسرائيلية ، ويعتبر الفيلم قراءة لتاريخ المنطقة وقصة النضال فيها خلال عشرين سنة ، فيُظهر القهر الذي عاناه أهالي الجولان من المحتل الاسرائيلي واستشهاد العديد منهم شباباً وشيباً ، كما نتابع رصد دقيق لتفاصيل الحياة ، مؤكداً في النهاية أن هذه الأرض ولّادة دائماً بالأبطال المناضلين والمقاومين .
« ما يلفت النظر في الفيلم هو الهوية الحقيقية لهذا الشعب ، وبالتحديد هذا المكان الذي سيطر على مجمل الأحداث لصدقنا في التناول الذي نسعى إليه .. استطعنا جعل المكان حافزاً وبقوة طيلة أحداث الفيلم» .. هذا ما جاء على لسان المخرج في حديثه عن الفيلم ضمن كتابه (أفلام تحت الضوء) للزميل فؤاد مسعد والصادر عن وزارة الثقافة المؤسسة العامة للسينما ضمن منشورات الفن السابع ، ويتابع المخرج حديثه مؤكداً أن هناك حقيقة واضحة لا يمكن تجاهلها أو الالتفاف حولها ، أما حول اختيار زمن الأحداث بين عامي (1961 ـ 1981) فقال :
تفرض الأحداث أحياناً ذاتها ، وتحدد لك من أين تبدأ وأين تنتهي ، وهذا ما حدث معنا بالضبط ، فالواقع الجولاني فرض ذاته ، والمتتبع للأحداث يعرف أنه في عام 1981 حدث الإضراب الشامل في الجولان المحتل والذي استمرّ لمدة ستة أشهر ، فرضت خلاله إسرائيل حصاراً محكماً على كل قرى الجولان . وقد أتى هذا الإضراب بعد القرار الذي اتخذه الكنيست الإسرائيلي بضم الجولان العربي السوريّ وفرض الهويّة الإسرائيليّة بالقوة ، فكان رد أهل الجولان عنيفاً وسريعاً فأصدروا الوثيقة الوطنية المشهورة التي حرمّت على أي مواطن جولاني استلام الهوية الإسرائيلية وكل من يستلمها فهو منبوذ ، ألقت القوات الإسرائيلية بالهويات إلى داخل المنازل فما كان من الأهالي إلا أن جمعوها في الساحة العامة وأحرقوها .
التاريخ: الأربعاء 24-4-2019
الرقم: 16963