عافية هوايّ أنتِ، انتشَى بكِ سلمتِ.. تحاكي عينيَ الساهرة، بعينِ دمشقكِ الماطرة.. حبَّاً وأغرقَ عُشَّاقك، أبداً فأدمنوا عناقك.. لمَ لا ألستِ الساحرة، والآمرة والقادرة.. على ردِّ الحياة بكِ، تتماهى باخضراركِ؟!.. تشرقُ منكِ يقظتي، فأوقدُ بكِ همَّتي.. أتباهى بقلبكِ يبقى، نبضٌ فيَّا هو أبقى.. أبقى لأنك مملكتي، وثراءُ الحرفِ بمفردتي.
مفردتي التي تسمِّيكِ، سوريَّتي وتغنِّيكِ: يا لهفة روحي روحي، إليَّ إليكِ فُوحي.. بكِ ولكِ ولي، صار المدى شذي.. مداكِ وأنا فيه، أحلِّقُ بجناحيه.. أخترقُ الأبعد لا بُعدْ، لمن فضاؤه وَجدْ.. لمن حملكِ أيقونة، تقيهِ أحقاد الخونة.. خونة باعوا أنفسهم، للشَّيطانِ ويحرسهم.. أوغادٌ أذلاءٌ أنجاس، خُلقاً وفكراً والإحساس.. قد جُرَّ وانعدم، وركلَ بهِ الذِمم.. لعنة الوطنِ عليهم، أمُومتهُ لا تعنيهم..
أمومةُ أناكِ وإني، منها وعنها وعنّي.. أروي وأجدِّدُ إيماني، بكِ ياصرخة وجداني.. يا صهيل صوتِ حنجرتي، وصداهُ أنتِ معجزتي.. أسردكِ شجناً يُبكيكِ، يُنطقكِ فرحُ معانيكِ.. بحرفكِ عُتِّقَ في حرفي، فنزفَ وجعكِ من جرحي.. صرخَ بآهٍ عنيدة، وصداها حقيقة أكيدة:
أيا دمعة القيمْ، انهمرتِ من ألمْ.. يبكي أبناء الشَّمس، والنورُ ولظى الحدس.. الحدسُ الذي جعلكِ، تصارحي قدركِ: هم وردي وياسميني، والعبقُ كمْ يحييني.. هم نسيمي وأتنسَّم، عبيرهُ وبهِ أتيمَّم.. هُم نجومُ ليلي، يسامرهم ودليلي.. إليهم دمٌّ طهور، يغلي فيّا يفور.. بهم إليَّ رحيل، يتخطّى المستحيل..
يتخطَّاهُ لأنهم، أذلّوا بهِ عدوِّهم.. أذلُّوهُ بكرامتهم، وشموخ القامةِ قامتهم.. بعقيدتهم وصلاتُها، سوريَّةٌ وحُماتها.. هُم حقٌّ بهِ تخفق، لغةُ الأوطانِ وتنطق:
أبطالٌ وارتقوا، أبنائي ويُغدقوا.. عليَّ العشق الأكيد، بشهيدٍ إثرَ شهيد.. غمروني بدفءِ معانيهم، أطلقتُ وجيبي يُرثيهم.. يُشيِّعهم إليَّا، قد فاضَ الحبُّ فيَّا.. فاض ففاضت محبرتي، بهم وإليهم قافيتي: هم شرفُ عرضي وأرضي، صانوها تألَّق مجدي.. هم آلهة الوطن، ورسلُ هذا الزمن..
هفاف ميهوب
التاريخ: الأربعاء 24-4-2019
الرقم: 16963