نعم، كي تَكتمل هزيمة المشروع الأميركي بالمنطقة، والعالم، كان لا بُد من الشروع بالحرب الاقتصادية، كخطوة حمقاء ستَفشل أيضاً، ذلك بعد أن فشلت حرب الإرهاب والمُرتزقة ضد سورية بما تُمثل من أنها إحدى أهم القلاع الصامدة بمواجهة مشاريع العدوان والاحتلال والهيمنة، وكإحدى أهم مُكونات محور المقاومة الذي يُراكم انتصاراته وعوامل القوّة، والذي صار بصموده مُلهماً للحكومات والشعوب على امتداد الجغرافيا.
إجراءاتُ الحصار الاقتصادي الجائر وغير المشروع ضد سورية، تَستكملها إدارة ترامب بتفعيل حزمة العقوبات الجديدة والحظر غير المشروع ضد طهران مَطلع أيار القادم، وصولاً إلى مُستوى (صفر صادرات نفطية إيرانية) إلى الخارج، حسبَ وزير خارجية الولايات المتحدة الذي أعلنَ عدم التجديد لأي إعفاءات أو استثناءات للدول التي استُثنيت من حزمة العقوبات السابقة!.
وإذاً، فالولايات المتحدة – ومُلحقاتها – تُنكر هزيمة مشروعها، ولا تُريد الاعتراف بفشلها، وتُصر على المُضي قدماً بالمواجهة، لكن من بوابة الاقتصاد، بفَرض مَزيد من العقوبات، وباتخاذ إجراءات الحظر والحصار، وتحت العناوين الكاذبة ذاتها، فما الذي تَنتظره غير الفشل؟ وما الذي يَنتظرها حسب تَقديراتها الخاطئة سوى الخيبة؟.
سياسةُ العقوبات والحصار هي سياسة العاجزين المُفلسين، أو سياسة المُتغطرسين الحَمقى، وإن الهروب الأميركي للحرب الاقتصادية غَنيٌ عن القول إنه لن يُهدد الأمن والاستقرار بالمنطقة، بل سيَدفع العالم إلى مَزيد من الانقسامات التي تُفاقم حالة التوتر وتُعمق الخلافات القائمة التي قد تَبدأ برفض القرارات الأميركية وإعلان التَّمرد عليها، تلك المُتعلقة بصادرات طهران النفطية، بالقدس والجولان، وبصفقة القرن، أو تلك الخاصة بالحروب العدوانية التي تُفجرها، فضلاً عن إجراءات التدخل والتطاول على سيادة الدول، لكن أحداً لا يَعرف أين ستَنتهي!.
عندما تَفتتح الصين دائرة الرفض القاطع للقرار الأميركي وتَذهب للتحذير من تَداعياته، فإنّ على واشنطن أن تَستعد لما هو أبعدُ من العُزلة، وعندما تتحدث طهران عن ردود قد تَبدأ بإغلاق مَضيق هرمز، فإن على إدارة ترامب أن تُفكر بالخطوة التالية وبحَجم الرد عليها، وأن تَختبر قدرتها على الامتصاص أولاً، وأن تَختبر جاهزيتها للتصعيد ثانياً، ولتَختار بعدها: الاستيعاب والتراجع أم التصعيد ومواجهة الأثمان الباهظة؟.
لكَسب كل جولات المواجهة بالصمود، تَدابير مُهمة، كما أتقنَها الشعب السوري خلال سنوات الحصار في ثمانينيات القرن الماضي، وكما أبدعَ فيها خلال سنوات العدوان والحرب الإرهابية الأخيرة، فإنّ الشعب الإيراني الذي اختبرَها بنجاح منذ انتصار ثورته، لن تُرهبه ولن تَكسر إرادته، وسيَنجح بتَخطي التحدي المَفروض، وما اللقاءات التي جرَت في دمشق مُؤخراً قُبيل اجتماع آستنة، وقُبيل إعلان العقوبات الجديدة – نَتحدث عن استضافة الأشقاء والأصدقاء العراقيين، الإيرانيين، والروس – إلا لتَصليب الموقف، وللقَبض على الخيارات المُثلى لاستخدامها بهدوء وثقة، بما يَجعل واشنطن تُدرك أنّها بحماقاتها الجديدة والمُستجدة إنما تَستكمل هزيمة مشروعها الذي صار كَومة حُطام!.
كتب علي نصر الله
التاريخ: الأربعاء 24-4-2019
الرقم: 16963