انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة توجه بعض الفنانين والفنانات إلى تقديم برامج منوعة تتضمن فقرات وحوارات فنية ربما يسعون في ذلك إلى تحقيق الجماهيرية واستقطاب المشاهد إلى وجه آخر من وجوه هذا الفنان أو ذاك، وفي أحيان أخرى قد يفسره البعض بالعدوى التي تنتقل من فنان إلى آخر، أو هو الشح بالأعمال، فيأتي تقديم البرامج كتعويض ليطل الفنان بوجه آخر على الجمهور.
ولاندري أي الأسباب دفعت بالفنان المصري الموهوب أمير كرارة إلى تقديم واحد من هذه البرامج، فقد أطل علينا ببرنامج «الحريم أسرار» وهو برنامج حواري يمزج بين الجد والكوميديا، ويستضيف نجمات من الوطن العربي للتعرف أكثر على أفكارهن ونجاحاتهن وأعمالهن، مع التركيز بشكل خاص على التناقض بين الرجل والمرأة بشكل عام، وفي المجتمع العربي على وجه الخصوص.
وتكشف النجمات اللواتي يستضيفهن الفنان أمير كرارة عددا من أسرارهن وخبايا حياتهن الفنية والشخصية من قصص الحب الخاصة وحكايات الزواج وأسباب الشائعات التي تلاحقهن، كما يكشف البرنامج تفاصيل حياة هؤلاء النجمات وكيفية صعودهن إلى قمة النجومية والأسرار التي صاحبتهن في رحلة الصعود.
ومن يتابع البرنامج يشهد العديد من التصريحات الجريئة والمثيرة للجدل والتي تكشف عنها ضيفاته للمرة الأولى، وهذا مايعطي دافعا للمشاهد للدخول إلى عالم الفنانات والاطلاع على الوجه الآخر لهن والجانب الخاص من سيرتهن بعيدا عن أضواء الشهرة والنجومية.
وربما هذا النوع من البرامج يجد سوقا رائجة لدى المشاهد وخصوصا أن الفنان أمير كرارة استطاع وفي زمن قياسي أن يحتل مكانته من النجومية على الساحة الفنية، ومن جهة أخرى يدفعنا الفضول للتعرف على النجوم عبر الدخول إلى عوالمهم الخاصة والاطلاع على خبراتهم وثقافتهم وعلاقاتهم وسط الساحة الفنية ومايحكمها من شللية أحيانا، وفي أحيان أخرى الوساطة أو المحسوبيات وغير ذلك، وماهي الأسباب الحقيقية التي تؤدي إلى النجاح الحقيقي والنجومية.
ومن الضيفات اللواتي تابعناهن عبر هذا البرنامج «يسرا، صبا مبارك، دينا، نيكول سابا، بوسي» والقائمة مستمرة، ولكل فنانة خصوصيتها ومسيرتها التي تتميز بمحطات هامة شكلت تحولات في مسيرتها الفنية.
والسؤال الطريف الذي يخطر في البال، لماذا أسرار الحريم، أليس للرجال أسرار، أم أن أسرار المرأة هي الأكثر إثارة في تفاصيلها كونها الأنثى المعشوقة والأكثر جاذبية والأكثر غموضا في مسيرتها عبر رحلة الفن والنجومية.
وفي عودة للبرنامج نجد تلك الحميمية في البوح وربما بعيدا عن المجاملات، لتقدم كل فنانة نفسها بشكل واضح، ويظهر ذلك في ثقافتها وطريقة التعبير وفي الجرأة على البوح، فهذا مايعطي البرنامج خصوصية في تقديمه للفنان دون رتوش، حيث يسعى المحاور إلى السؤال بذكاء وفطنة دون تجريح أو مباشرة مؤذية.
وربما يحصد الفنان النجاح في برامجه كما يحصده في أعماله الفنية، أو بمعنى أدق، هو يستثمر نجاحه الفني في تحقيق النجاح في برامجه التي يقدمها، وهذا حق مشروع للفنان في تقديم نفسه بالطريقة التي يراها مناسبة وتليق به.
ومن يتابع البرنامج لاشك سيلاحظ كم هو عالم الفن غارق بالمفارقات، فهو يشكل مجتمعا ربما كان مصغرا عما نعيشه في المجتمع الكبير، ولكن خطورته تكمن أنه تحت الأضواء، ويمثل هذا المجتمع أنموذحا للكثير من الفئات الشابة التي تقتدي بهذا الفنان أو ذاك ويقلده في حركاته ولباسه وسلوكه، وهنا تكمن الخطورة، والمسؤولية كبيرة تقع على الفنانين لتقديم الأنموذج الإيجابي ليكون مثالا يحتذى للأجيال، وربما نجد في مسيرتهم من الخبرات والثقافة مايشكل لدينا نقطة انطلاق نحو البناء والإعمار والانتماء الحقيقي لبلادنا والنهوض من جديد على أسس ودعائم أصلها ثابت وفروعها تطال عنان السماء.
فاتن أحمد دعبول
التاريخ: الجمعة 3-5-2019
الرقم: 16970