دماء شهدائنا في عيدهم..أزكـــــــى مـــــــــن الطيــــــــــب ريحانـــــــــــــاً وغاليـــــــــةً..

لايعرف الإنسان معنى للوجود إلا حين يصل مرحلة العطاء, والقدرة على البذل, وهذا ليس بالأمر السهل او الهين, حضارة الكون التي قدمها السوريون للعالم, هي أبجدية الفعل والقدرة والرقي, فحين ابحر أول سوري حاملا معه الحرف واللون, وشتى ألوان الحياة كان يهب للآخرين معنى الوجود ببذل وجوده هو, والفدائي الأول الذي افتدى البشرية سوري, فحين نتحدث عن الشهادة التي هي قيمة القيم, وانبل ما في الكون من فعل, حينذاك ليس امامنا أن نقول عيد الشهداء, ويوم يمر ويمضي, أبدا فالقافلة التي بدأت منذ أن كان وجودنا هنا, كل يوم تزداد وتمضي بهية, معراجها إلى السماء, تنير وتهدي, تعرف أنها الفعل الذي لايضاهى, والقيمة التي لايمكن لأحد في هذا العالم إلا أن ينحني إجلالاً لها.
ومهما فعلنا وقدمنا من قراءات وكلمات ومعان, فهي على مقربة من شطآن النبل الذي يفيض على الكون نورا وحبورا وسرورا, اليوم وكل يوم، السوريون يعيدون افتداء العالم من جديد, وهم لم يتوقفوا عن ذلك يوما ما, صفحات التاريخ تشهد, منذ أن كان التاريخ إلى أن يرث الله الارض وما عليها, تسع سنوات وشلال الدم السوري راعف نازف من أجل البشرية كلها, شهداء يرتقون إلى السماء لتسمو البشرية, اطفال من عمر الندى هم كانوا قربانا للحياة, وثمة من أغمض عينيه ومضى, الشهداء أيقونة الكون الذي لن ينضر وتخضل أوراقه, ويبهى شجرا, وبشرا وعطاء إلا بما يجود به الدم السوري, وكيف لا؟ ونحن مازلنا في موكب اليقين نعرف أن الثمن غال, لكننا مصرون على المضي, لن ننكسر, لن ننهزم, في كل يوم لنا شهيد, بل شهداء, هم من ساحة الوطن الأنقى والابهى, من حقول القمح, من مواسم البرتقال والتفاح, من عنب السويداء, من الشام, الى تلال حرمون, إلى كل شبر ومن كل أسرة, هم قافلة بل موكب النور, كم يليق بنا هذا البهاء, هذا اللون وقد غدا وسما للأبدية.
في يوم الشهادة والشهداء, نحن الأكثر حاجة لهم, لذكراهم, لبهائهم, نعم شمس الأحياء لا تدفيء الموتى, عفوا الراحلين, لكنهم (الراحلون) خالدون في يقين الدهر, هم من ينبض دما وفعلا في شرايينا, لقد ارتقوا لنبقى, استشهدوا ليعيش الأطفال, لم يسأل أحدهم يوما ما: لماذا أمضي؟
لا, إنهم طاقة الحياة ورسل الأرض إلى السماء و هم أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر, خلودهم باق في لثغة الطفل, في نهر يجري وشجر يورق, وكل رغيف خبز يصلنا, ممهور بدم شهيد, كل تفاحة وبرتقالة, كل حبة لوز, ونسمة هواء, كل مدرسة ومشفى, ومعمل لهم فيه البذل والعطاء, آه لو يسأل من لايعرف العطاء: أين كنا لولا شهداؤنا ؟ ماالذي كانت قوى العدوان ستفعله بنا؟
اليوم ليس عيدا وكفى, بل هو الحياة كلها, وعيد الاعياد, نبل وطهر وسمو, فكيف لا نجيد فعل الوفاء لهم, إن لم نحسن فعل الارتقاء, كم يليق بنا أن نقف على أعتاب الكون ونسأل: كيف يكون الوفاء, كيف نرد بعض جميلهم ؟ ألسنا الأوصياء على الحياة من بعدهم؟
كيف نخون الأمانات, كيف نسرق لقمة طفل جائع, كيف وكيف, بل ألف كيف لايكون الضمير ميزان ذهب, أما حان لنا في محراب الطهر أن نعلن أن الكثيرين منا أجروا ضمائرهم, باعوها, آه, ماذا لو نطق الشهداء من العلياء, ماذا يقولون لمصاصي الدماء, ماذا سنجيب؟
لن نذهب بعيدا في التشاؤم, فهو ليس هويتنا, ولا منا, لكننا نقول إنها غشاوة وستمضي بفعل البهاء, بقوة العطاء, لايظنن أحد أن الميدان قد خلى من الشرفاء,موكب الفجر اليقين ماض, إلى الحق, وما اروع ما قاله بدوي الجبل فيهم:
يعطي الشهيد فلا والله ما شهدت
عيني كإحسانه في القوم إحسانا
وغاية الجود أن يسقي الثرى دمه
عند الجهاد ويلقى الله ظمآنا

دائرة الثقافة
التاريخ: الثلاثاء 7-5-2019
الرقم: 16971

 

آخر الأخبار
2.5 مليون دولار لدعم مراكز الرعاية  من مجموعة الحبتور   السعودية تمنح سوريا 1.65 مليون برميل دعماً لقطاع الطاقة وإعادة الإعمار  حملة “دير العز”.. مبادرة لإعادة صياغة المشهد التنموي في دير الزور إقبال كبير في طرطوس على حملة للتبرع بالدم  الشيباني: سوريا تدعم مبادرات السلام والاستقرار الإقليمي والدولي "الأشغال العامة": الانتهاء من تأهيل أتوستراد دمشق - بيروت آخر أيلول  القانون الضريبي الجديد بين صناعيي حلب والمالية  أزمة البسطات في حلب.. نزاع بين لقمة العيش وتنفيذ القانون  جسر جديد بين المواطن والجهاز الرقابي في سوريا  90 مدرسة خارج الخدمة في الريف الشمالي باللاذقية  غلاء الغذاء والدواء يثقل كاهل الأسر السورية بعد تدشين سد النهضة..هل تستطيع مصر والسودان الحفاظ على حقوقهما المائية؟! قافلتا مساعدات أردنية – قطرية إلى سوريا 90 بالمئة من الأسر عاجزة عن تكاليف التعليم الحد الأدنى المعفى من الضريبة.. البادرة قوية وإيجابية.. والرقم مقبول عملية نوعية.. القبض على خلية لميليشيا “حزب الله” بريف دمشق "الإصلاح الضريبي" شرط أساسي لإعادة الإعمار المال العام بين الأيادي العابثة أرقام صادمة .. تسجلها فاتورة الفساد في قطاع الجيولوجيا الأسعار في ارتفاع والتجار في دائرة الاتهام سرافيس الأشرفية – جامعة حلب.. أزمة موقف بين المخالفات ومعيشة الأسر