أميركا الطرف الأكثر انتهاكاً لمعاهدة عدم الانتشار.. الجعفري: تستر الغرب على امتلاك إسرائيل مئات الرؤوس النووية يهدد الأمن والسلم الإقليمي
أكد الدكتور بشار الجعفري مندوب سورية الدائم لدى الامم المتحدة مجددا ان سورية تؤمن بأهمية العمل متعدد الاطراف لنزع السلاح النووي ومنع انتشاره، لافتا إلى أن الولايات المتحدة هي الطرف الاكثر انتهاكا لمعاهدة عدم الانتشار النووي وتحمي انتهاكات كيان الاحتلال الاسرائيلي بهذا الخصوص.
وقال الجعفري خلال كلمة ألقاها أمس أمام الدورة الثالثة للجنة التحضيرية لمؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار التي انعقدت في الامم المتحدة: ان سورية بادرت في العام 1968 للانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية ووقعت على اتفاق الضمانات مع الوكالة في العام 1992 وتقدمت خلال عضويتها في مجلس الامن في العام 2003 بمشروع قرار لإنشاء منطقة خالية من السلاح النووي وجميع أسلحة الدمار الشامل الأخرى في الشرق الأوسط، الا أن الولايات المتحدة أعاقت اعتماد ذلك المشروع وبالتالي بقي باللون الازرق حبيس أدراج مجلس الامن.
وأضاف الجعفري: ان بعض الدول الغربية عملت، في مقابل امتثال بلادي لالتزاماتها، على تزويد اسرائيل بمفاعل ديمونة وبالمواد والخبرات والتكنولوجيا النووية التي مكنتها من امتلاك مئات الرؤوس النووية ووسائل ايصالها، علاوة على تزويدها بالغواصات الالمانية المتطورة القادرة على حمل واطلاق الصواريخ النووية، مشيرا إلى ان تلك الدول الغربية ذاتها سعت بكل ما أوتيت من قوة ونفاق لإخراج السلاح الاسرائيلي النووي من دائرة الاهتمام خلال أعمال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار عام 2010 ومن خلال افشال عقد مؤتمر 2012 الخاص بإنشاء المنطقة الخالية في الشرق الاوسط وكذلك إفشال مؤتمر المراجعة لعام 2015.
وتابع الجعفري: ان مجلس الامن كان طالب اسرائيل في قراره رقم 487 لعام 1981 بالوضع الفوري لمنشآتها النووية تحت ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فما الذي فعلته بعض الدول التي تدعي اليوم الحرص على عدم الانتشار والحفاظ على السلم والامن الدوليين لتطبيق هذا القرار الذي مضى على اعتماده نحو 38 عاماً ؟ للأسف لا شيء.. وقال: ان الامر الوحيد الذي فعلته تلك الدول هو نشر الاكاذيب وتلفيق الاتهامات لبلادي للتغطية على دعم حكومات تلك الدول للبرنامج النووي العسكري الاسرائيلي ولحماية التحدي الاسرائيلي لمنظومة عدم الانتشار التي أجمعت دولنا عليها، وهو الامر الذي يتكرر مجددا من خلال ادعاء بعض الوفود خلال أعمال هذه الدورة كالممثل الاميركي الذي تحدث عن عدم امتثال بلادي لالتزاماتها ومطالبتها بالتعاون مع الوكالة الدولية لحل المسائل العالقة.
ولفت الجعفري إلى ان الاستنتاج الذي قدمته الامانة لمجلس المحافظين في حزيران 2011 لم يبن على أي أدلة قاطعة وانما على فرضيات وردت في مصادر مفتوحة مشبوهة جرت فبركتها من قبل دوائر استخباراتية معروفة قائلا: ان هذا الاستنتاج جاء على شكل احتمال ترجيحي وباستخدام مصطلح لايكلي الاتهامي غير اليقيني والذي استخدمه كل من كولن باول عام 2003 ومن بعده زميله جون كيري وهو أمر غير مقبول ولا ينسجم مع أساليب العمل في الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تستلزم التيقن الكامل الذي لا يقبل التشكيك، كما أن مجلس المحافظين لم يعتمد هذا الاستنتاج بالتوافق وانما بالتصويت بسبب اعتراض عدد كبير من الدول الاعضاء عليه.
وأضاف الجعفري: ان الادعاءات الموجهة ضد بلادي تتجاهل ما أشار اليه تقرير المدير العام السابق للوكالة محمد البرادعي الذي قال وأقتبس: ان عدم تزويد الوكالة في الوقت المناسب بالمعلومات المتعلقة بالمبني المدمر في دير الزور قد أعاق وبشكل خطير الوكالة عن الاضطلاع بمسؤوليتها بموجب معاهدة عدم الانتشار واتفاق الضمانات من جراء استخدام القوة الأحادية، وهذه مسألة في غاية الاهمية أكد عليها البرادعي مجددا في الصفحات 228 و229 و230 من مذكراته.
وقال الجعفري: لقد تعاونت سورية مع الوكالة على نحو ايجابي وبنّاء، فيما يخص طبيعة الموقع في دير الزور الذي اعتدت عليه الطائرات الحربية الاسرائيلية قادمة من الاجواء التركية وسمحت بلادي لمفتشي الوكالة بزيارة الموقع في حزيران 2008 والتحرك بكل حرية في محيطه وجمع العينات البيئية منه، كما اجابت بلادي على كل الاستفسارات التي طرحت، مؤكدا ان سورية مارست أقصى درجات المرونة والجدية لحل جميع المسائل العالقة وتوصلت مع الوكالة في تشرين الاول 2011 إلى اتفاق على خطة عمل تضمن حل جميع تلك المسائل.
وأضاف الجعفري: من المؤسف أن بعض الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة ضغطت من أجل عدم السماح بتنفيذ تلك الخطة خدمة لأجندة الابتزاز السياسي التي كشفتها وثائق ويكيليكس وبالتالي فإن الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية الكاملة عن عدم تنفيذ تلك الخطة وليست سورية، لافتا إلى ان التقارير السنوية للوكالة بشأن تطبيق ضمانات الوكالة وآخرها تقرير عام 2018 خلصت جميعها إلى أن المواد النووية المعلنة ظلت في نطاق الانشطة السلمية، هكذا ورد في التقرير بما يؤكد أن سورية لم تتأخر يوما عن الوفاء بالتزاماتها القانونية بموجب اتفاق الضمانات ومعاهدة عدم الانتشار.
وقال الجعفري: ان التغطية اللاأخلاقية التي توفرها الادارات الاميركية المتعاقبة لحماية اسرائيل من المساءلة عن عدوانها هي دليل واضح على السياسات غير المسؤولة لتلك الادارات والتي لم تجلب لمنطقتنا سوى الدمار وعدم الاستقرار وتقويض الامن والسلم الإقليمي، ولنا في غزو العراق وتدمير ليبيا وتجييش قطعان الإرهاب العالمي ضد بلادي والتآمر على القضية الفلسطينية شواهد حية على مصداقية ما نقول، معربا عن الاسف لكون مجلس الامن والوكالة الدولية للطاقة الذرية لم يدينا عدوان اسرائيل العسكري الفاضح على سورية عام 2007 ولم يدينا كذلك رفض كيان الاحتلال التعاون مع الوكالة الدولية.
واضاف الجعفري: ان إقرار اسرائيل رسميا بمسؤوليتها عن العدوان على موقع دير الزور يحتم قبولها بضرورة تعاونها مع الوكالة للكشف عن حقيقة التلوث الذي أحدثته قذائف عدوانها، وبالتالي حل لغز وجود بعض جزيئات اليورانيوم البشري المنشأ في الموقع المدمر، مؤكدا ان أي مناقشة ستبقي من دون جدوى ما لم تتعاون اسرائيل القوة المعتدية مع الوكالة لكشف حقيقة التلوث المذكور.
وقال الجعفري: ان البيان الذي أدلى به ممثل الولايات المتحدة بخصوص سورية يمثل تعبيرا عن ذروة النفاق، ونحن لا نقول هذا جزافا ذلك أن الولايات المتحدة هي الطرف الاكثر انتهاكا لمنظومة عدم الانتشار حيث تنشر اسلحة نووية على اراضي دول غير نووية وتتعاون مع كيان الاحتلال الاسرائيلي نوويا وتحمي شذوذه ونشوزه عن معاهدة عدم الانتشار، وهو ما يمثل حالة عدم امتثال صارخة لا تقبل التشكيك وتقتضي من المؤتمر القادم لمراجعة المعاهدة التعامل مع حالة عدم الامتثال هذه بحزم وجدية، مؤكدا أن الولايات المتحدة ضالعة في التآمر على سورية بالتعاون مع دول أخرى أعضاء في هذه المنظمة الدولية للأسف وبالتالي فإنه لا مصداقية لاتهاماتها الموجهة ضد سورية.
واضاف الجعفري: لو صدقت الولايات المتحدة فيما تدعيه من حرص لألزمت اسرائيل بالانضمام إلى معاهدة عدم الانتشار كطرف غير نووي ووضع منشآتها النووية تحت رقابة الوكالة ولما عارضت مبادرتنا لإنشاء منطقة خالية في الشرق الاوسط وهددت باستخدام الفيتو ضدها.
سانا – الثورة
التاريخ: الثلاثاء 7-5-2019
رقم العدد : 16971