الأردن على صفيح الاحتجاج بين نظرية المؤامرة ونظرة الاصلاح

تغييرات أمنية كبيرة في الأردن .. وما جرى في الآونة الأخيرة استثنائي ويعتبر سابقة حيث جرت سلسلة من الإحالات على التقاعد وتنحية لضباط كبار في الأمن، كل ذلك تزامن مع حديث الملك عن مؤامرة تحاك ضد الأردن وأن البلاد تمر في فترة من التحديات فرضتها المتغيرات الإقليمية والمناخ العالمي العام الفريد والمتوتر.
الحديث عن توتر في الأردن لايخلو له من تسريبات قد تفسره أو تأخذه الى مزيد من التعتيم فمثلا القول المتداول بأن الأردن نجا من مخطط خطير هدفه زعزعة الاستقرار عبر الترويج لشخصية معروفة قريبة من الملك بهدف استمالة الرأي العام وتأجيج الشارع يجعل الحراك ينكمش ولكنه يزيد الشكوك فهل مايجري احتجاج أو مؤامرة بالفعل؟
منذ مطلع عام ٢٠١٩ والأردن يشهد احتجاجات صاخبة كانت مطالبها متعددة، ولكن عنوانها الأساسي هو الأزمة الأقتصادية التي يعاني منها شعب الأردن منذ سنين.
كانت بداية هذه الاحتجاجات عام ٢٠١١ ، فقد تكبد الأردن خسائر اقتصادية كبيرة بسبب إغلاق المنافذ الحدودية التجارية مع سورية والعراق، وتدفق عدد كبير من اللاجئين إلى دولة تعاني من البداية أوضاعا اقتصادية صعبة وديونا فاقت الأربعين مليار دولار.
تسع سنوات مضت على هذا الحراك الأردني المطالب بالإصلاح وحتى الآن لم يتم التوصل لعلاج أو حل يرضي الجميع، بالعكس، فالأمور تتفاقم وهنالك إشارات لأزمات سياسية واقتصادية وأمنية عميقة قد تضرب الأردن إن لم تحل هذه الأزمة بسرعة من قبل صناع القرار.
يطالب الأردنيون بتغيير الواقع الأردني المتدهور، ويرتبط ذلك بمؤسسات الدولة وقدرتها على التغيير فإذا كانت قطاعات الدولة مترابطة يؤثر الواحد منها بالآخر ويتأثر به، سلباً أو إيجاباً، فالإدارة هي المسؤولة عن النجاح أو الفشل، ومرتبطة أيضاً بالحكم ونهجه السياسي باعتباره صاحب القرار في الإدارة، فالحكم في الأردن «نيابي ملكي وراثي» وإصلاح نهجه السياسي لا يكون إلا بتطويره إلى ملكية دستورية.
الأردن اليوم أمام تحديات داخلية وخارجية وجودية، أميركا وإسرائيل تفرضان تعليماتهما عليه حيث استطاعت الصهيونية الأمريكية من جعل نفسها وصيةً، ومن التغلغل كمستشارين بالشأن الداخلي، وجعلا من الديوان الملكي مركزاً للحكم والقرار، ومن الحكومات والمؤسسات امتداداً وظيفياً له، وليس في الصورة في هذا الديوان قوة ظاهرة سوى مكتب ولي العهد أو الملك شخصياً من خلال القرارات الإدارية العليا، وما غير ذلك من موظفين هو ديكور إداري فقط.
يقول المحلل في الشأن السياسي الدكتور واثق الهاشمي ان «ما يحدث في الأردن ليس وليد الصدفة وليست أول مرة، فعلى مدى سنوات كان هناك حراك في الأردن، فلأول مرة في تاريخ الأردن قبل عام أو عامين تمس الاحتجاجات الذات الملكية وهذا متغير هام».
لدى الأردن مشكلات اقتصادية ، فهناك نقص كبير في الميزانية لم يستطع تعويضها رغم أن عمان طلبت الاستدانة من صندوق النقد الدولي الذي فرض الكثير من الإجراءات من الصعب أن يتحملها المواطنون، والوزارة وعدة وزارات سقطت بسبب هذا الأمر، لكن الأمر الجديد هو أن هناك تصعيد في العلاقات الأردنية السعودية والأردنية الإماراتية حيث تحاول الدولتان أن تفرض عقوبات على الأردن بطرق مختلفة.
ومن الاسباب أيضا أن هناك حراكاً إسلامياً أردنياً قد يكون أصوليا متطرفا حيث كان لتنظيم «داعش» الإرهابي قوة في مناطق البادية والمناطق العشائرية، مجمل ما هو موجود سيضع الأردن في وضع غير مستقر، ويتسبب بمشكلات كبيرة، وسوف تستمر وسائل الضغط الخليجية حتى يعود الأردن إلى الخانة السعودية الإماراتية».
غير أن هشاشة الاقتصاد وترف البعض وفقر البعض الآخر وانتشار البطالة بشكل كبير بين الشباب سواء كانوا من حاملي الشهادات الجامعية أو من البدو هو سبب أساسي أيضاً لمطالبة المتضررين بالإصلاح الشامل في البلاد، وبالأخص الجانب الاقتصادي.
جرى في الأردن عدة تعديلات للحكومة ويهدف هذا التعديل إلى ضخ دماء جديدة في تركيبة الحكومة تمتلك الإمكانات التي تساعدها على التعامل مع الظروف الداخلية والصعوبات والتعقيدات التي تفرضها الأوضاع في الإقليم.
أما بعد التعديل الأخير الذي جرى بحكومة الرزاز، جرى العديد من موجات الاعتقال وقد جاءت هذه الاعتقالات مع عودة وزير الداخلية غير المرغوب به في الشارع الأردني حيث تعتبر بداية غير موفقة من اليوم الأول، لأن الحراك سيشهد مزيداً من الاعتقالات، بالإضافة إلى عدم وجود أسباب واضحة لهذه الاعتقالات، كما استنكر نواب البرلمان الأردني حملة الاعتقالات هذه مطالبين الإسراع في إطلاق سراحهم.
مخاطر عدم الاستقرار الداخلي مازالت أكبر من أي وقت مضى وإذا لم تتم معالجة العوامل الكامنة وراء تلك المطالب يمكن لها أن تخرج عن حدود السيطرة.
غير الأزمات العديدة التي تؤثر على الأردن على المستوى الإقليمي، فأمام الحكومة الجديدة ملفات حاسمة ومهمة جداً بالنسبة للمملكة الاردنية الهاشمية خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
ديانا خالد الأشهب

التاريخ: الخميس 16-5-2019
رقم العدد : 16979

آخر الأخبار
وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى إطار جامع تكفله الإستراتيجية الوطنية لدعم وتنمية المشاريع "متناهية الصِغَر والصغيرة" طلبتنا العائدون من لبنان يناشدون التربية لحل مشكلتهم مع موقع الوزارة الإلكتروني عناوين الصحف العالمية 24/11/2024 رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من ‏القطاعات الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص