لعل السؤال المطروح اليوم إزاء ما يحدث في أسواقنا المحلية وخاصة خلال شهر رمضان: كيف يجب أن نتعامل مع هذه الحالة الاستثنائية حيث تحصل زيادة في الطلب العام الاستهلاكي على جملة السلع ونجد أنفسنا تحت سيطرة الأسعار التي يتحكم بها تجار الجملة والمفرق وفق ما يريدون ويشتهون؟
وبطبيعة الحال فإن المعالجة يمكن أن تتم بطرق مختلفة أهمها أن يكون العرض متوافراً بكثرة كي لا يكون هناك فارق كبير بين العرض والطلب وهذا أيضاً يتطلب من مؤسسات القطاع العام توفير العرض المطلوب للسلع الغذائية وتأمينها بشكل كامل وفق إمكاناتها وبأسعار مناسبة، أما الأمر الآخر فهو متعلق بعمل مديرية التجارة الداخلية ورقابتها على الأسواق.
وهنا نشير إلى أهمية ضبط الأسواق وقمع المخالفات لكن هل تكفي لجنة أو فريق عمل واحد لإعادة الحياة الطبيعية إلى الأسواق المحلية أم أن هناك إجراءات أخرى يجب أن تتوافر بالتوازي مع هذا العمل وفي مقدمة ذلك وفرة المواد والسلع الأساسية وتفعيل مؤسسات التفعيل الإيجابي.
صحيح أن الظروف لا تتيح للجهات المعنية بالواقع التمويني ضبط الأسواق وتأمين المواد والسلع وممارسة الرقابة التموينية بالشكل الأمثل، لكن رغم ذلك هناك سعي دائم ومتابعة مستمرة لمحاولة السير بالأمور في الاتجاه الصحيح ولا سيما بعد أن بات الغش بالمنتجات والسلع أسلوباً من أساليب الاحتيال لتحقيق مكتسبات مادية تلبي جشع الذين عملوا على محاربة المواطن بلقمة عيشه.
من هنا يأتي دور الجهات التي لها علاقة بالأسواق أن تضع حداً لهذه المخالفات خاصة بعد ما حدث ويحدث في الأسواق المحلية من عمليات استغلال وتلاعب وحالة الضعف التي أصابت الأجهزة الرقابية حيث أصبح المواطن تحت سيطرة الحاجة الملحة يخضع لواقع الحال ويشتري المادة التي لا يستطيع الاستمرار بالحياة دونها بأسعار مضاعفة عدة مرات وأكثر من ذلك هناك مواد لم يعد قادراً على شرائها وخرجت من قائمة احتياجاته الأساسية فأصبحت الحاجة ملحة لتجاوز أي اختناقات بالمواد الاستهلاكية الأساسية وضرورة تفعيل دور المؤسسة الاستهلاكية والمراكز والصالات التابعة لها وتأمين تشكيلة سلعية واسعة وخاصة المواد الاستهلاكية الأساسية وتشديد الرقابة التموينية على الأسواق، والحد من المخالفات وتطبيق القانون بما يحقق تأمين المواد والسلع التموينية التي تتوافق مع المواصفات القياسية والشروط الصحية والبيئية. لكن اللافت في الأمر أن الرقابة التموينية فقدت هيبتها ولم يعد أحد يحسب لها حساباً بدليل أن هناك من أصبح يقول علناً هذه هي الأسعار ومن لا تعجبه ليذهب إلى التموين ويشتكي. ترى هل المشكلة هنا تقتصر على مخالفة الأسعار فقط أم أنها أخطر بكثير عندما تصبح ظاهرة بحد ذاتها عنوانها ثقافة المخالفة والتجاوز والاستغلال وعدم احترام الأنظمة والقوانين وعدم الخوف من أي محاسبة وأكثر من ذلك فقدان هيبة المؤسسات العامة وعدم احترامها وليس الخوف منها. ولعل المصيبة هنا أن تقتصر الهيبة على المسلسلات التلفزيونية فقط.
الكنـــــز
يونس خلف
التاريخ: الثلاثاء 21-5-2019
رقم العدد : 16982