معد عيسى:
لا يمكن تغييب ملف الشركات الإنشائية عن الحراك الحكومي عندما يناقش مجلس الوزراء بشكل مستفيض واقع قطاع السكن والبناء لأن أغلب مشاريع البناء تم تنفيذها من قبل الشركات الإنشائية، كما لا يمكن تجاهل ما وصلت إليه هذه الشركات، فبعد أن كانت تقوم بتنفيذ مشاريع خارجية تحوّلت إلى تاجر ومورّد للسلع والخدمات ما أدخلها في صفقات فساد وجعل مشاريعها تتأخر لسنوات.
لا شك أن القرارات الحكومية ساهمت بتردي واقع هذه الشركات من خلال القرارات غير الواقعية، حيث سهّلت لها من جهة الاستحواذ على المشاريع من خلال مزايا بالمناقصات واستدراج العروض والتعاقد المباشر الأمر الذي جعلها بدون منافسة من القطاع الخاص وبالتالي أصبحت أسعارها مرتفعة ومضاعفة على حساب خزينة الدولة، أما من جهة ثانية فقد قيّدتها القرارات ومنعتها من تجديد عمالتها، فهي بغالبيتها من الحرفيين والمهنيين عدا عن أن الأجور أصبحت متدنية جداً، يعني عامل الصحية مثلاً عليه أن يعمل بـ ٤٠٠ ألف في الشهر بالمقابل هو يحصل على نفس المبلغ بيومين في القطاع الخاص.
إذا كانت الحكومة تفكر في دمج هذه الشركات أو الإبقاء عليها فيجب أن تحدد جبهاتها وتحرّرها من قيود تأمين العمالة بحيث تسمح لها بالتعاقد مع العمال لمدة مرتبطة بكل مشروع، وأن تكون قادرة على منح التعويضات المجزية مقابل الأعمال كي تحافظ على عمالتها وعليها أن تُلغي المزايا الممنوحة في أفضلية وحصرية التعاقد بحيث تفتح باب المنافسة مع القطاع الخاص وهذا بالمطلق سيخفّض كثيراً من التكاليف على الخزينة ومن المدد الزمنية في التنفيذ.
الشركات الإنشائية لا تقوم اليوم بالتنفيذ وإنما تستفيد من المزايا وتعطي الأعمال لمتعهدين من القطاع الخاص مقابل نسبة مئوية وعليه ترتفع التكاليف لأن المتعهد لن يعمل بنسبة ربح تقل عن ٣٠ % وللشركات من ١٠ إلى ١٥ % أي ذهب ٤٥ % من قيمة المشروع للشركات والمقاولين ويبقى ٥٠ إلى ٦٠ % للتنفيذ وهذا يفسر رداءة المشاريع التي يبدأ ترميمها قبل الاستلام النهائي لها.
اسمها شركات إنشائية فكيف تحوّلت لشركات تعمل في التجارة وكل الخدمات؟.. قبل اتخاذ أي قرار بشأنها يجب معرفة تجهيزاتها وحصر عمالتها وعليه يُمكن تقييم ما إذا كانت قادرة على تنفيذ المشاريع والإبقاء عليها، ولا بد من حصر جبهاتها في أعمال تتفق مع اسمها.
بالثمانينيات من القرن الماضي توقعت الأرصاد الجوية حصول إعصار كبير وهطول أمطار غزيرة وعليه استنفرت الجهات المعنية في دمشق تحسباً للفيضانات ودخول المياه إلى الأقبية، وخلال المناقشات اقترح أحد الأعضاء تجهيز عدد كبير من المضخات لضخ المياه من الأقبية إلى نهر بردى ولكن لحسن الحظ قاطعه أحد الأعضاء بالقول “كيف ما النهر هو الفائض على الأقبية”.
وضع هذه الشركات بحاجة لحسم وليس معالجة بالضخ.