فنانة مسكونة بالشغف، هذا الشغف الذي ترجمته ألقاً في شخصية حمل اسمها مضمون طبيعتها، إنها (شغف) في مسلسل (هوا أصفر) التي يتمازج فيها على نحو غريب فيض الرقة والشفافية والهدوء مع قوة الشخصية والقدرة على التحكم في المشاعر وردود الأفعال، تارة تعيش كامل ألقها وسطوتها وتارة أخرى تمر بلحظات انكسار مؤلمة، هي امرأة مختلفة لأن عليها أن تظهر في أكثر من حالة تبعاً للظرف وللحدث الذي تعيشه، وتبعاً للمكان الموجودة فيه أيضاً، عمدت في أدائها إلى تفكيك الشخصية وكل ما يعتلج داخلها من عوالم وخصوصية ومشاعر وتناقضات وإعادة تركيبها بإحساس عالٍ لتظهر شبيهة بالحياة، الأمر الذي منحها القدرة على فك شيفرتها وتلمس تفاصيلها بدقة لتقدمها وقد مهرتها ببصمتها الخاصة فجاءت معجونة بروحها، مُظهرة فيها مداها وبعدها الإنساني.
لعبت على مساحة الإحساس بشكل كبير بين الهدوء الكامل وسط البركان والبركان الذي ينفث حممه وسط الهدوء، هما حالتان تنوسان بين الأقصى والأقصى، هذه المساحة من اللعب تناغمت مع مستوى إيقاع الشخصية وما يطرأ عليه من تبدلات وانعطافات، وإن طغى طابع الهدوء الظاهر إلا أن للعينين لغة أبلغ من الكلام، وهو الأمر الذي قدمته بحرفية عالية تصل حد العفوية، فبدت امرأة بقدر ثقتها من نفسها بقدر دهشتها التي تبدو واضحة في أكثر من مكان، تلك الدهشة التي تُخبئ داخلها طاقة قد تنفجر حباً وغضباً وحنكة وقدرة على التعاطي مع المصاعب وصد المؤامرات التي تُحاك حولها، هو صراع تعيشه بكل ما يكتنز من مخاطر ساعية إلى تحقيق شغفها، ولكن هل تستطع أن تكون كما تريد فعلاً وتخرج من عباءة الطامعين؟ هل يمكن أن تعيش شغفها في الحياة كما تراه أم سيكون هناك دائماً ما يحول بينها وبين أحلامها ؟..
مرة أخرى تثبت الفنانة المبدعة سلاف فواخرجي من خلال شخصية شغف في مسلسل (هوا أصفر) إخراج أحمد ابراهيم أحمد وتأليف علي وجيه ويامن الحجلي، أنها تبقى الرقم الصعب والفنانة القادرة على مقارعة مختلف الشخصيات مهما حملت من سمات ومتغيرات وتبدلات، فما تكتنزه من فيض إنساني ومعرفي وإبداعي وجمالي وثقافي في داخلها يؤهلها لأن تعطي كل شخصية حقها وتذهب بها إلى أماكن تُفاجئنا بها لتقدمها ضمن صيغتها الأقرب إلى الواقع.
الثورة – فؤاد مسعد:
التاريخ: الجمعة 24-5-2019
الرقم: 16985