انجز الغرب ومعه الصهيونية العالمية وفي خدمته الرجعية العربية وفصائل متعددة هي الادوات الارهابية التي اخذت هذه الوظيفة في تلبية كل ما يتصل بالمشروع الغربي الصهيوني، نعم لقد انجز الغرب وعده المعاصر والمتمثل بنشر الارهاب والارهاب المضاد في كل قارات العالم ومدنه وشوارعه.
وهنا تظهر في هذه اللحظة العملية البشعة التي نفذها احد المتطرفين من الجانب الاخر في جملة مساجد في نيوزيلندا بالقارة الاسترالية واظهرت وقائع العملية البشعة انها كانت تجري بالتخطيط والتحضير لصورة علنية ضد المهاجرين المسلمين الباحثين عن لقمة العيش والهاربين من الظلم والظلام في اوطانهم الاصلية.
لقد كان الاصل في ذلك هو هذا التبني للقاعدة التي ظهرت بعد سقوط المعسكر الشيوعي وقد انطلقت من الولايات المتحدة الاميركية تحت مصطلح «الاسلام فوبيا» اذ كان لابد من اختلاق عدو بدءا من تسعينيات القرن الماضي وكان لابد من ذات المسار من خلق ردود فعل على الارهاب الاسلامي تكمل الصورة التي صار العالم بموجبها موزعا بين قاتل وقتيل وصار الاسلام بذلك هو المادة المحركة والمحرضة على الارهاب وبموجب ذلك كان لابد من صناعة الارهاب المضاد والذي يؤكد بأن الاسلام هو جوهر الجريمة، والمسلمون هم الادوات التنفيذية لذلك، ومن الطبيعي اذا ان يبني الغرب والصهيونية مقومات مادية فكرية تقوم على قاعدة الرد على الارهاب الاسلامي بالارهاب المسيحي ومن هنا تتبدى الان جملة حقائق مقصودة لذاتها وبذاتها.
اولاها ان مثل هذا المشروع الخطير والذي بدأ يفترس العالم تحقيقا لهدف غربي صهيوني مخطط لابد فيه من خلق وبناء الذريعة وقد تمثلت الان في الاسلام الارهابي وهكذا نشأت مجمل تنظيمات الارهاب الاسلامي في الحاضنة الغربية وتحت رعايتها وبالمدرسة المعتمدة عند الغرب بشقيه الاوروبي والاميركي وبحيث يكون على الرجعيات العربية في الخليج العربي والحجاز ان تأخذ مهمة التمويل والضخ الايديولوجي الشاذ واغراق سورية وغيرها بهؤلاء المجندين من المصادر الاسلامية لكي يكون ذلك هو الاساس في تنفيذ برنامج الارهاب والارهاب المضاد العالمي.
وثانيها ان القوى الغربية والصهيونية اهتدت الى هذه الفكرة الجهنمية القائمة على قاعدة خلق قوى عبر تنظيمات ارهابية اسلامية الشكل وصهيونية المضمون وهذه القوى بتسمياتها المختلفة وتوزعاتها المشبوهة يكون لها مهمة واحدة هي نشر القتل والتدمير بلا تردد وبمستوى معمق ومتكاثر بالاقطار التي تكلف بانجاز المشروع فيها، ومن هنا كان هذا المشوار المشؤوم في تجميع القوى الارهابية الاسلامية وتدريبها وتغذيتها وحماية وجودها في سورية والعراق.
وثالثها ان التنظيمات الارهابية وقد تم تجميعها وتجهيزها كان لابد لها من بنية عقائدية وايديولوجية وسياسية هي التي تستحدث مستوى التعصب والتطرف والاقتناع بأن الدفاع عن الاسلام والمسلمين لا يمكن ان يكون ذا جدوى بدون اعتماد منهج سفك الدم وتدمير المؤسسات وزع الخوف والرعب بلا رحمة، وكل ذلك في سبيل ان يستوطن الارهاب في سورية والعراق متخذا من البلدين بيئة لتسلل الارهاب من جهة ولانتشاره وامتداداته بعد ذلك، ومن هذه الزاوية جاء مفهوم تنظيم الارهاب تحت اسم الخلافة في العراق والشام بالاختصار «داعش» وكان لابد من هوية اسلامية هي الذريعة من جهة وهي الحافز والجاذب لكل الاغراءات الدينية التي مازالت تقوم على ثقافة قتل الانسان وتدمير الاوطان والذهاب بعد ذلك الى الجنة والحوريات.
وكل حسب جهده في انجاز القتل والتدمير وهنا اكتملت البنيتان التحتية التنظيمية والفوقية التربوية في المنهج العام للارهاب بكل تفاصيله ومفاصله.
ورابعها انه كان لابد من نشر الارهاب بنماذج وتطبيقات محدودة في العالم العربي الذي يدعي التمدن والحضارة المزدهرة والديمقراطية وقد تابعنا جميعا الوقائع الارهابية التي حدثت في فرنسا وبريطانيا والمانيا واسبانيا وفي مناطق غربية كثيرة، وقد كانت عمليات ارهابية منظمة ومختارة بعناية لكي تنشر هذه المساحات المعتمدة على الانفعال والتقدير الظاهري والتي تكرس الجريمة الارهابية كلها في الاسلام والمسلمين وهذا ما قدمته الوقائع الارهابية بدقة والتزام.
وخامسها وهنا تتكون الخلاصة المتبلورة في احد اهم عناصرها واعمدتها والتي تنص على انه لا بد من الرد على الارهاب الاسلامي بالارهاب المسيحي لان التركيز كان على هذا المستوى من الفهم وهو ان معادلة الارهاب ومواجهة الارهاب هي ذات مهام دينية بحتة، ونرى الان بأن هذا المدى من التزوير والاختلاط قد تحول الى قواعد منهجية في ادانة الاسلام من جهة وفي استنفار قوى الرد على الاسلام من جهة اخرى وتطوير مصطلح «الاسلام فوبيا» من منسوب التهيئة والتحضير الى المنسوب العملي التطبيقي حيث كان لابد من تكوين الرأي العام الغربي على قواعد الحقد للعرب والمسلمين والعمل على الحذر منهما وانجاز كل المهام الفكرية والبوليسية التي ترد على الخطر الاسلامي وعند هذا المستوى كان الارهاب بكل تنظيماته وتفاصيله هو الاداة الناجحة في نشر المشروع الغربي الصهيوني.
بقلم د: أحمد الحاج علي
التاريخ: الاثنين 27-5-2019
رقم العدد : 16987
