الحفاظ على الموروث الحرفي التقليدي وحمايته واحياؤه بوصفه وجه من أوجه الهوية الثقافية السورية؛ عبارات ترددت كثيراً خلال السنوات الماضية بخاصة مع اشتداد الصعوبات والمعوقات التي تواجه الحرفيين العاملين في هذه المهن نتيجة ظروف الأزمة، سواء ما يتعلق بنقص المواد الخام الضرورية أم تراجع السياحة وعدم وجود أسواق لتصريف المنتجات أم هجرة الكثير من الحرفيين، ناهيك عما أصاب بعض الورشات والمعامل من تدمير أو أعمال التخريب والسلب وإلى ما هنالك.
وزارة السياحة كإحدى الجهات المعنية بالحفاظ على هذا التراث ومنعه من الاندثار بادرت لاتخاذ خطوات في مجال دعم الحرف اليدوية فقامت بإنشاء المجلس الأعلى للحرف اليدوية برئاستها وممثلين عن جميع الجهات الحكومية والخاصة والأهلية، بهدف تطوير العمل بهذه الصناعات و تأمين المتطلبات الفنية والإدارية والمالية، و تنشيطها ورفع إنتاجيتها، وملامسة واقع الحرفيين بشكل مباشر والعمل على معالجة وحل جميع معوقات العمل.
من جهتها وزارة الصناعة وبعد العديد من اللقاءات مع مجلس إدارة (شيوخ الكار) توصلت قبل عامين إلى فكرة إحداث حاضنة للحرف اليدوية التراثية (بناءً على بحث حاز على جائزة الإبداع الوطني لأحد الحرفيين) بغية وضع المهن اليدوية في إطارها الصحيح ودعم استمراريتها واستدامة العمل الحرفي، ونقل هذه الحرف للأجيال القادمة وخاصة المتضررين والمهجرين منهم.
الحاضنة اليوم كمشروع تنموي متكامل يعدّ الأول من نوعه في سورية لتعليم هذه الحرف للشباب هي في طور وضع اللمسات الاخيرة لافتتاح كتلتها الأولى في منطقة دمر وهي تضم 36 حرفة تراثية من جميع أنواع الحرف التقليدية و38 شيخ كار تم انتقاؤهم بهدف تخريج أياد ماهرة مؤهلة لضمان نقل الموروث التراثي السوري للأجيال القادمة، وفيها أيضاً مركز لتسويق المنتج الحرفي التراثي عالمياً عن طريق المعارض الخارجية ومركز أبحاث لتطوير الابتكارات الحرفية عبر تزويد المخترعين بالمعلومات اللازمة لإكمال الجدوى الخاصة باختراعهم من مؤسسات ووزارات الدولة ثم ربطها بالاستثمار ورفد المدن الصناعية بعمالة مدربة مؤهلة.
المأمول أن تحظى جميع الحرف التقليدية بالاهتمام المطلوب بكل السبل المتاحة عبر هذه الحاضنة، خاصة تلك المهددة فعلياً بالاندثار كحرفة صناعة الحرير الدمشقي(البروكار) اليدوي التي لم يتبق من حرفييها سوى اثنين قادرين على نقلها إلى المتدربين الجدد والتي لم يتم إدراجها إما سهواً أو عمداً ضمن برنامج تدريبي ستطلقه وزارة السياحة قريباً بالتشارك مع منظمة اليونسكو للتدريب على هذه الحرف !.
هنادة سمير
التاريخ: الأربعاء 29-5-2019
الرقم: 16989