سعدي يوسف في أوراقه المنثورة:. بعض المثقفين لاشيء ولاقيمة لهم.. الغرب يترجم الرديء من أدبنا للتنفير منه
من العراق إلى كل بقعة في العالم ربما كان يوسف سندباد الحرف واللغة والابداع, من نبض الحياة تجده ينهل ماء الأدب ورونقه لتخصب اللغة فتزهو بشرايين المتلقي يعيدنا إلى نضجها الأولى وشحنها بدلالات كثيرة..
في الغرب الذي طافه لم يسلبه المظهر ولم يكن الفراشة التي تحترق قرب الضوء.. قرأ كل شيء بروية وعقل وهدوء اقترب حد الانصهار لكنه لم يذب ولم يتبخر ولم ينبهر, فكك كل شيفرات الجمال المخاتل عراها من الشرق إلى الغرب..
في كتابه الجديد الصادر عن دار التكوين بدمشق التي تولت إصدار أعماله.. كتابه المعنون بـ (اوراقي في المهب).. يفتح الباب على مصراعيه محلقا بجناحي الكلمة عاليا وينثر آراءه النقدية المهمة.. في كل مقال ستجد نفسك امام دهشة جديدة وقراءة مختلفة لظواهر شتى لم نعتد أن نبدي آراءنا بها هكذا.
من ظاهرة بيوت الشعر في باريس إلى الوطن المسمى عربيا في باريس بيوت الشعر كما يقول وأشهر شعراء فرنسا قاطعه لان جاك شيراك حينذاك كان عمدة باريس..
وفي بعض أقطار الوطن العربي ايضا, بيوت للشعر ولكنها ممولة من النفط ورعايته ومكتوب على كل بيت من يموله…فماذا للشعر يبقى إن كان رنين الدولار سيده.. ألم يتنبه نزار قباني لذلك قبل.. نعم فعل ذلك وربما صرخته كانت لافتة للحكام ليمولواويشتروا من يبيع نفسه من الشعراء, وقد وجدوا المزيد وتخمة في العرض.
واظن في يوم من الأيام سوف يكتب سعدي يوسف عن مداجن الشعر التي غزت الفضاء الازرق, وعن تفقيس الشاعرات والنقاد وغير ذلك مما يستتبعه من شهادات الزعبرة واركانها الصدر الناهد والارداف المكتنزة وفي مقالاته التي تعبر كل الجغرافيا يقف عند ما يسمى المثقفين فهم كما يقول عنهم.
مع الناس
تحت هذا العنوان يكتب في صفحة ٧٦ متحدثا عن الاختلاط بالناس والى اين يقود المبدع فهو الاختلاط يعني المزيد من نسغ الحياة وحبر الديمومة التي تثري الأدب ويتحدث عن زيارته الأقصر وما تركته من اثر إلى أن يصل إلى القول: انا انس بالناس.. لكني أشعر بالفزع من المثقفين واذا أراجع سيرتي ارى ان فترات إبداعي الاكثر امتدادا هي تلك التي لم التق فيها بأولئك المثقفين.. في الجزائر ولندن لاني لم التق المثقفين كانت إنجازاتي كما يقول, ويصدر حكمه بالقول: في هذه الأيام أثبت المثقفون انهم الأسوأ خلقا وخلقا.. هم لسان الحاكمين الظالمين المتلمظ كلسان الافعى.. هم لاعقو نعال الشيوخ والشيخات.. هم الرقباء الاشد ضراوة على الفكر الحر.. هم الوشاة على اهل القلم النظيف.. هم اللاشيء, والشعراء ضاعوا لانهم تركوا الناس.
عنصرية الغرب
من يظن أن الغرب قد وصل حد الفائض الإنساني واهم وموغل بالوهم والخطأ.. لبس الغرب قفاز اللغة ومصطلحاتها وتاجر بها.. سعدي يوسف يكشف ما تحت هذه القفازات التي تخفي مخالب تدمي.. في الابداع حتى لو كنت تكتب بلغتهم ووصلت الذروة إن لم تكن من جذورهم فأنت مهمل تماما مثل الشاعر نايبول الحائز على نوبل عام ٢٠٠١م وهو افضل ناثر باللغة الإنكليزية لكنه مهمل لانه ليس ابيض فهو من جذور هندية.
ديريك والكوت من الكاريبي شاعر باذخ باللغة الإنكليزية لكن لاوجود له في بانوراما الثقافة الإنكليزية.. هو اسود ولكن امرأته بيضاء
ويضيف أما من يظنون أن أعمالهم تترجم لأنها مبدعة فهم مغفلون تماما فثمة عصابات تعمل لا تترجم الا ما هو سيء ومشوه للثقافة العربية.. لا تتعبوا انفسكم فالغرب لا يرانا لاننا لا نرى أنفسنا.
خلاصة القول: الكتاب شهادات على عصر التسلع والضياع والشتات والتيه وصرخة لعل احدا ما يسمع.. شكرا للكاتب والناشر ولمن سوف يسمع.
دائرة الثقافة
التاريخ: الاثنين 24-6-2019
الرقم: 17007