أحد المستشرقين المعنيين باللغة العربية, كتب ذات يوم بما معناه, لم اجد لغة أجمل من اللغة العربية ولكني أيضا لم أر شعبا في العالم يستعجل دفن لغته كما يفعل أصحاب هذه اللغة, ربما يحق لنا أن نستعير هذا القول لنأخذه إلى مكان آخر من فنون الإبداع والحياة, ولكن لن يكون القول كله صحيحا تماما كما على اللغة العربية من حيث جمالها ورونقها, واللغة ليست مدار حديثنا اليوم, مع إنها أرهقت واصابها العنت, وكادت ان تقول: ويحكم..
من يتابع أعمال الكثيرين في الثقافة والفن والأدب والحياة يجد أن بعض السوريين منهم, مضوا بعيدا وجدا في الإساءة لكل مقومات المجتمع السوري, لكل مظاهر الحياة ومقومات وجود الدولة والحكومة, بل تمادوا حد التهريج وطلبا لتصفيق المال الخليجي عن قصد أو دون قصد, رنين الدولار, أو حفيفه, أو رائحته, لا أدري و في العالم كله ثمة من ينقد ويكتب عن مجتمعه, لاتعجبه الكثير من قضاياه, وهذا أمر طبيعي, بل من الضرورة بمكان أن يكون النقد جراحة للوصول إلى جسد معافى, اما ان تصيدا, وعملا غبيا يبيع الجميع بسوق النخاسة فهذا أمر آخر, في الشعر والرواية والتشكيل والدراما, والإعلام وجدنا هذا..
سوريون بالاسم, كان الوطن فندقا لهم, وضاق بهم, وعلى مبدأ: الصيف ضيعت اللبن, وعلى ما يبدو مازال الصيف مستمرا قليلا في بلادنا, ولذا بقي هؤلاء حيث الربيع المخاتل, باختصار: من باب الفضول تابعت على صفحات التواصل ومن صفحة مملكة الدراما, حلقة تتحدث عن الصحافة, لا أدري إن كانت الحلقة التي جاءت ضمن بقعة ضوء قديمة أم حديثة, متى عرضت وكيف, لا أعرف..
لكنها فعلا خارجة من أتون التهريج الذي لايوفر أمرا يمكن فعله للوصول إلى من يريد أن يصطاد ويتاجر, صحيفة وطنية كانت وستبقى صوت الناس, ولهؤلاء الذين تعاملوا معها بتهريج واستخفاف كانت ملاذهم, وصوتهم, ولم تكن إلا مع نبض الحياة, احتل هؤلاء مكانة واسعة في أخبارها, ومازالوا, كما هم في وسائل الإعلام السوري كله, هم من يقدم البرامج, وهم من تدفع لهم الملايين, حتى كدنا أن ندفع طابعا باسمهم, ونجمع التبرعات لهم لأن بعضهم لم يحقق الملايين التي يحلم بها.
الصحيفة التي يجول بها الموزع مستخفا بكل من يعمل بها, وبكل من يتابعها, هي صورة وطن, ومن يرى وطنه هكذا, لايقدم فنا, ولا نقدا, وليست بقعة ضوء بل إساءة حقيقية, كفاكم تهريجا وذبحا لما بقي في الوطن, هل يتجرأ احدكم أن يقدم مثل هذا بأي مكان آخر..من يسمح له بذلك..
الاجتراء على الوطن كان من عقود من الزمن, والدراما أول من شوه, وفعل, في الكثير من القضايا والامور و ترك الامر وتحت شعار: إنه الوطن ومن أجله, ولكن الأمر تجاوز كل حدود احترام مؤسسات الوطن, وليس جريدة وحدها أو إعلاما كنتم في يوم من الايام تلهثون وراءه.
ديب علي حسن
التاريخ: الاثنين 1-7-2019
الرقم: 17013