الملحق الثقافي: عقبة زيدان:
يرى سارتر بأن الكاتب في القرن الثامن عشر ناضل من أجل تحرر الإنسان، كمصلح أو كمتمرد، وأنه في القرن التاسع عشر – قرن البرجوازية المنافقة – بدا الأدب وكأنه ضمير البرجوازية، أي أنه تخلى عن رسالته التحررية.
إن خلاص الكاتب، برأي سارتر، يكمن في ولادة أدب للممارسة كعمل في التاريخ، وتأثير في التاريخ، أي كتأليف بين النسبية التاريخية والمطلق الأخلاقي من جهة، وبين العالم المعادي والمثير للاشمئزاز من جهة ثانية.
هذا بالطبع لا يكفي، لأن سارتر حصر الأدب في الممارسة وفي توطين الحدث، ما يبعد الأدب عن أساسه الجوهري، أي الفن والخيال. وتكون قضية التخلي عن ألعاب البلاغة كارثة بالنسبة إلى الأدب، حيث سيظهر جافاً وخالياً من الإبداع الجمالي، وفي النهاية لا يمكن احتمال قراءته.
يدافع سارتر عن وجود الأدب المتصل بالحدث والمنصهر في عصره. وهذا خطأ كبير، لأن العمل المبني على حدث راهن، سيزول مع زوال الحدث، والكتب الحدثية النادرة التي بقيت صامدة رغم تأريخها لحدث، ارتقت إلى ما هو كوني، حصنها من الدفن تحت التراب. ومثال ذلك: أميل لروسو، والطاعون لكامو.
يحمل الأدب قدرته على التغيير، ليس لأنه يؤرخ اللحظة، بل لأنه يؤرخ للإنسان في وجوده، وحركته ونضاله. إن الظلم هو مفردة متجذرة في الوعي البشري، ولا تنحصر في زمن دون آخر، وكذلك فإن البرجوازية قد ورثت ثوب الإقطاعية وطرزته بالذهب، ولكنهما تمتلكان قباحة الوجه نفسه.
التاريخ: الثلاثاء9-7-2019
رقم العدد : 16019