أوروبا والفتات الأميركي..!!

 لم يعد الاستجداء الأميركي على أبواب الأوروبيين الذي يحاول فرض إذعانه، مجرد ظاهرة سياسية تستوقف الكثيرين، ولا هو منظور تعبوي يريد من خلاله الأميركيون أن يسجلوا نقاطاً إضافية، بقدر ما هو إقرار ضمني بأنَّ الرهان على الوقت لم يكن مجدياً في توقيت يبدو ضاغطاً على الأميركيين في المنطقة وخارجها، ولديها من الاستحقاقات ما يدفعها إلى الاستعجال في تنفيذ ما هو مؤجل.
وعلى هذا الأساس فإن الطلب الأميركي من ألمانيا بإرسال قوات إلى الجزيرة السورية لم يكن خارج سياق المحاولة الأميركية، التي بدت أكثر إلحاحاً رغم النفي الألماني السريع لنيتها بالاستجابة نظراً لحساسية الدور الألماني والحسابات الصعبة داخله، باعتبار أنّ النفي هنا ليس نهاية المطاف، ولا يشكل في الوقت نفسه أول وآخر المحاولات الأميركية، لتعويم المشهد وتحضير مسرح الأحداث للجولة القادمة من التطورات تبدو المنطقة بمجملها في صلبه، وربما ما هو خارجها.
فالأميركيون الذين يخوضون جولة تسخين إضافية على خلفية التعثر الحاصل في الملف الإيراني وفشل الأوروبيين في تنفيذ تعهداتهم، يراهنون على الفارق الحاصل هنا من أجل الضغط على الأوروبيين عموماً، وعلى الألمان بوجه الخصوص، لانتزاع مواقف تجرهم باتجاه نشل الأميركيين من ورطة ملء الفراغ الذي يعتقدون أنه الضرورة التي لا بدَّ منها، من أجل تنفيذ المهمة التالية من التصعيد.
الاستغلال الأميركي للهواجس الأوروبية من فقدان السيطرة على الاتفاق النووي، والاضطرار إلى المواجهة المفتوحة، والدخول في الحسابات الصعبة وشبه المستحيلة، تراها واشنطن نقطة التعويل الأساسية لممارسة أقصى درجات الضغط، والبوابة التي يمكن النفاذ منها، وصولاً إلى إنجاز سيناريو الترتيبات للخروج الأميركي من ورطة الغرق في المستنقع، حيث يستجيب في الحد الأدنى لمتطلبات الحسابات والمعادلات التي تستبق بها واشنطن الأحداث المقبلة.
الترتيبات هنا يبدو أنها لا تتوافق فيها حسابات البيدر الأميركي مع الحقل الأوروبي، وتحديداً في شقه الألماني، وهي تبدو متصادمة بالضرورة مع نسق من الافتراضات التي تجعل ألمانيا قبل سواها تعيد ترتيب الحسابات على أساس رفض التورط لأن المشاركة الألمانية ستجرّ وراءها اعتراضاً في الداخل، لن يكون بمقدور المستشارة ميركل، وهي تتحضر للرحيل، أن تتحمّل تبعات مثل هذا القرار.
الأخطر هنا ما يجري تداوله على نطاق القرار الأميركي الخاص بالحضور في مناطق الجزيرة السورية، والصدامات التي سيكون مسرحاً لها مختلف القوات التي ستحضر، أو هي حاضرة بالأساس، مهما يكن شكل ومساحة هذا الحضور، حيث لا يغيب عن الذهن الأوروبي والألماني أن التشجيع الأميركي ليس وليد الرغبة في مشاركة الأوروبيين مرحلة الاستثمار وما قبلها ما بعد داعش، بقدر ما هي تحمل التبعات الناتجة عن ذلك.
الرفض الألماني الأولي الذي جاء بصيغة دبلوماسية يحمل صفة العمومية والمؤقت من الناحية العملية، غير أنّ أي بديل آخر أو قرار مغاير سيجر على ألمانيا والأوروبيين الكثير من ويلات يجري ترتيبها على حسابهم، سواء قبلوا بذلك أم رفضوا، وخصوصاً أنّ المهمات الرديئة وفتات المواقف السياسية لا يمكن أن ينشئ قراراً سليماً أو توجهاً منطقياً، ولا سيما حين يرتبط بالحنين إلى الماضي الاستعماري وأطلاله السياسية البائدة.. وما تبقى من فتات الموائد الدولية.
a.ka667@yahoo.com

الافتتاحية بقلم رئيس التحرير: علي قاسم
التاريخ: الثلاثاء 9-7-2019
الرقم: 17019

آخر الأخبار
الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث وزارة “التربية والتعليم” تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1944 هل ثمة وجه لاستنجاد نتنياهو بـ "دريفوس"؟ القوات الروسية تدمر معقلاً أوكرانياً في دونيتسك وتسقط 39 مسيرة الاستخبارات الروسية: الأنغلوسكسونيون يدفعون كييف للإرهاب النووي ناريشكين: قاعدة التنف تحولت إلى مصنع لإنتاج المسلحين الخاضعين للغرب الصين رداً على تهديدات ترامب: لا يوجد رابح في الحروب التجارية "ذا انترسبت": يجب محاكمة الولايات المتحدة على جرائمها أفضل عرض سريري بمؤتمر الجمعية الأمريكية للقدم السكرية في لوس أنجلوس لمستشفى دمشق الوزير المنجد: قانون التجارة الداخلية نقطة الانطلاق لتعديل بقية القوانين 7455 طناً الأقطان المستلمة  في محلجي العاصي ومحردة هطولات مطرية متفرقة في أغلب المحافظات إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم السوداني يعلن النتائج الأولية للتعداد العام للسكان في العراق المتحدث باسم الجنائية الدولية: ضرورة تعاون الدول الأعضاء بشأن اعتقال نتنياهو وغالانت 16 قتيلاً جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية في سومطرة الأندونيسية الدفاعات الجوية الروسية تسقط 23 مسيرة أوكرانية خسائر كبيرة لكييف في خاركوف الأرصاد الجوية الصينية تصدر إنذاراً لمواجهة العواصف الثلجية النيجر تطلب رسمياً من الاتحاد الأوروبي تغيير سفيره لديها