وإن اختلفت التسميات عن مبلغ مالي يجب على طلاب الشهادات دفعه في نهاية كل موسم امتحاني للمستخدمين في المركز الامتحاني من مكافأة إلى حلوان ويطلق عليه البعض إكرامية،وإن ترك للطالب حرية تقدير هذا المبلغ فهو عبء إضافي للأهل بعد جلسات امتحانية ووجبات غذائية غنية مهمة لأبنائهم الطلبة وأجرة مواصلات خاصة (تاكسي أجرة صفراء)في ظل غياب بدائل أخرى عامة وزحمة ركاب ،وخوف على ضياع مستقبل الأبناء بدقائق تأخر.
في مادة الكيمياء ،آخر مادة امتحانية في شهادة الثانوية العامة وأمام باب أحد المراكز لم تنس إحدى الطالبات تذكير والدتها بهذه الإكرامية ،رغم قلق الدقائق التي تسبق الامتحان ورفضت مبلغ (200)لأنه وبرأيها لا يساوي حق فنجان قهوة.
رضخت الأم لرغبة ابنتها ببحبوحة المبلغ قليلاً «500 « ل.س وسط أجواء امتحانية لا تسمح إلا بالدعاء بالتوفيق وتزويدها بمفردات الثقة بالنفس والحب.
قلق من نوع آخر بدأ بعد دخول الطلاب قاعاتهم الامتحانية ،قلق وانتظار وترقب ممزوج بالتفاؤل حاولت تلك السيدة تبديده بحديثها معي عن هذه العادة في مواسم الشهادات وبررت سخطها لا بخلاً وحرصاً زائداً غير مبرر إنما لأنها ترى فيه الفساد بعينه وحجتها أن هؤلاء المستخدمين يأخذون رواتبهم من وزارة التربية وأيضا تكافئهم على أداء مهامهم أيام الامتحان وأما ما يمرره البعض تحت اسم حلوان فهو بوقته حلو وغير ذلك مر وعلقم.
بحماس وانفعال وغضب وحمية استفاضت تلك السيدة في حديثها عن النجار والسباك ومعقب المعاملات وموظف الهاتف والكهرباء وغيرهم من الأشخاص الذين لايتورعون عن السؤال عن الإكرامية تحت عناوين عديدة حق فنجان قهوة ..حبة مسك ..مابنساك ..وقصص و حكايات وهواجس عن ما آلت إليه أخلاقنا وسلوكنا الاجتماعي.
حاولت انتشالها من يأسها وإحباطها من استقرار اجتماعي وأخلاقي وأن هناك نيات صادقة وإرادة جادة لمحاربة مثل هذه السلوكيات ،ولكنها قاطعتني بتهكم قائلة:المشكلة أن الفساد لا يقتصر على شخص ولا حالة إنه يمتد إلى فئات أخرى مضطرة أن تتنفسه ..ولا تملك إلا التسليم به أو السكوت عنه.
سرقنا الوقت وانتهى وقت الامتحان وخرج الطلاب،وانطلقت تلك السيدة بلمح البصر للقاء ابنتها وسؤالها عن كيفية خوضها لهذه المعركة الامتحانية وهل كانت الأسئلة عند حسن توقعات تجار العلم،برفقة ابنتها غادرت المكان دون أن أعرف رأيها بما ختمت به الحديث ،وهل استطعت انتزاع موافقتها على أن هذه المشكلة وهذه السلوكيات أكبر منا وليست مجرد انطباعات وتأملات وملاحظات ولا تحل بالنصح والإرشاد والهداية إلى سواء السبيل والعزف على أوتار الأخلاق ولكي نكون واقعيين وموضوعيين يتطلب الأمر استطلاعات ودراسات وتحقيقات ميدانية ملموسة وكثيرا من الآمال نعلقها على استراتيجية الشراكة لمواجهة الفساد. .
رويده سليمان
التاريخ: الجمعة 12-7-2019
الرقم: 17022