الثورة – إيمان زرزور :
في مشهد إنساني مؤثر يعكس روح التكاتف والتضامن التي يتميز بها المجتمع السوري، تمكنت فرق إنقاذ سورية وتركية، صباح اليوم الخميس، من إنقاذ الطفل علي صالح عبدي (4 سنوات) بعد نحو 16 ساعة من سقوطه داخل بئر عميق في قرية كورمازة بمنطقة تل أبيض شمالي الرقة.
مناشدات وتضامن شعبي واسع
سقط الطفل علي داخل بئر ماء بعمق 50 متراً، مساء أمس الأربعاء، أثناء زيارة كان يقوم بها برفقة والده لأقربائه في القرية. وفور انتشار الخبر، انطلقت مناشدات عاجلة على مواقع التواصل الاجتماعي، تدعو لإنقاذه وسط غياب فرق الإنقاذ المتخصصة في المنطقة.
ما إن انتشرت صرخات الاستغاثة، حتى بدأ سباق مع الزمن، وسارعت عشرات العائلات في تل أبيض وريفها إلى موقع الحادث للمساعدة، في مشهد جسّد وحدة المشاعر والهدف لدى السوريين، الذين التفوا حول مأساة الطفل كجسد واحد، يتألم ويأمل وينتظر.
استجابة فورية ومشاركة تركية
في ظل صعوبة المهمة، وانعدام المعدات الفنية المتطورة، أعلنت الحكومة التركية عن إرسال فريق إنقاذ مختص إلى المنطقة، استجابة لمناشدات الأهالي، كما أكّد وزير الطوارئ وإدارة الكوارث السوري، رائد الصالح، إرسال فريق إنقاذ تابع للوزارة، مشدداً على أن “كل الإمكانيات متاحة لإنقاذ الطفل في أسرع وقت”.
ورغم ضيق البئر وتعقيد المهمة، تمكنت فرق الإنقاذ من التواصل مع الطفل وتزويده بالماء والطعام، ما ساهم في الحفاظ على حياته لحين إنقاذه.
فرحة تعم الأهالي.. ورسالة أمل
بعد نحو 16 ساعة من الجهود الحثيثة والترقّب المشوب بالقلق، نجحت الفرق أخيراً في سحب الطفل إلى السطح، وسط تصفيق الحاضرين ودموع الفرح التي عمّت وجوه المتطوعين والمارة وأفراد عائلته.
وأفادت مصادر محلية، بأن الطفل نُقل فوراً إلى أحد مشافي المنطقة لتلقي العلاج والاطمئنان على صحته، مشيرة إلى أنه كان في حالة تعب شديد وإرهاق، لكنه بقي واعياً خلال عملية الإنقاذ، التي حبست أنفاس الأهالي لساعات طويلة.
شكلت هذه الحادثة دليلاً آخر على أن الشعب السوري، رغم جراحه، لا يزال يحمل روح التكافل والمروءة، ويتفاعل مع محن أفراده بكل تعاطف ومسؤولية، ومشهد إنقاذ الطفل علي لم يكن فقط عملية إنقاذ لطفل، بل إنقاذ لقيم أصيلة لا تزال حيّة في وجدان هذا الشعب الذي اعتاد أن يتشارك الخبز كما يتشارك الألم.
وتمثل هذه الواقعة صورة مشرقة من صور الإنسانية التي لا تعرف الحدود ولا الانتماءات، بل تُعبّر عن جوهر المجتمع السوري المتماسك، الذي يثبت في كل مأساة أنه مجتمع لا يُقهر مهما اشتدت المحن.