الأيتام في سوريا بعد الحرب..معاناة مزدوجة بين الفقدان والتهميش وغياب الرعاية المتكاملة

الثورة – إيمان زرزور: 

 

خلفت الحرب في سوريا، خلال سنواتها الطويلة، تداعيات مأساوية على مختلف شرائح المجتمع، وكان الأطفال هم الأكثر هشاشة وتضرراً، لاسيما أولئك الذين فقدوا آباءهم نتيجة القصف أو المعارك أو تحت التعذيب، ليجدوا أنفسهم فجأة أيتاماً في بلد مثقل بالألم، ومجتمع يئن تحت وطأة التهجير والانهيار الاقتصادي.

يُخلّف غياب الأب في سن الطفولة ندوباً نفسية عميقة تمتد لسنوات طويلة، حيث يواجه كثير من الأطفال الأيتام مشاعر الوحدة والحزن والقلق والغضب، في ظل غياب أي إطار نفسي داعم أو قدرة على التعبير عن هذه الانفعالات. وتظهر لدى بعضهم ميول عدوانية واضحة، في حين ينكمش آخرون على أنفسهم، ما يؤثر على توازنهم النفسي والاجتماعي في المدى البعيد.

وتحت ضغط الفقر، يُجبر عدد كبير من هؤلاء الأطفال على العمل في الشوارع، أو التسول، أو جمع المواد البلاستيكية والمعادن، لتأمين لقمة العيش، بينما يفقد آخرون المأوى بعد وفاة المعيل، فيعيشون في خيم عشوائية، أو لدى أقارب عاجزين عن توفير رعاية كافية.

في مواجهة هذا الواقع المؤلم، برزت مبادرات إنسانية من بعض المنظمات والمجتمعات المحلية، تهدف إلى التخفيف من معاناة الأيتام، عبر تقديم كفالات مالية، وخدمات طبية، ودعم نفسي، وبرامج تعليمية مجانية أو مدعومة، ومع أهمية هذه الجهود، إلا أنها تبقى غير كافية، ولا تصل سوى إلى نسبة محدودة من الأطفال الأيتام المنتشرين في المناطق المتأثرة بالحرب.

تعتمد العديد من الجمعيات على برامج كفالة شهرية، لكنها في كثير من الأحيان غير منتظمة، ولا تفي بالحاجات الأساسية، في ظل تصاعد تكلفة المعيشة. كما أن غياب برامج الدعم النفسي التخصصي يشكل ثغرة كبيرة في الرعاية المتكاملة لهؤلاء الأطفال، الذين يحتاجون إلى أكثر من مجرد الإعالة المادية.

على مستوى المجتمع المحلي، يواجه الأيتام نظرة شفقة مشوبة بالعجز، إذ يصعب على غالبية الأسر تقديم دعم فعلي في ظل الفقر والبطالة، بل إن بعض الأطفال يُعاملون كعبء إضافي، مما يعمّق عزلتهم ويزيد من شعورهم بالرفض والتهميش.

ومن هذا المنطلق، فإن رعاية الأيتام يجب ألا تكون رد فعل موسمياً أو حملة ظرفية، بل عملية ممنهجة ومستدامة، تُعنى بحمايتهم، وتوفر لهم فرص التعليم، والرعاية النفسية، والتأهيل المجتمعي، ليحظوا بفرصة لحياة متوازنة ومستقبل كريم.

الأيتام في سوريا لا يحتاجون فقط إلى الغذاء أو المأوى، بل إلى شعور بالأمان، وانتماء، وتعليم، ورعاية متكاملة، إنهم ليسوا أرقاماً في سجلات الحرب، بل هم أطفال يجب أن يُنظر إليهم كرافعة لمستقبل وطن أنهكته سنوات الجراح.

آخر الأخبار
الخوف.. الحاجز الأكبر أمام الترشح لانتخابات مجلس الشعب  الاحتلال يواصل حرب الإبادة في غزة .. و"أطباء بلا حدود" تُعلِّق عملها في القطاع جمعية "التلاقي".. نموذج لتعزيز الحوار والانتماء الوطني   من طرطوس إلى إدلب.. رحلة وفاء سطّرتها جميلة خضر  الشرع يخاطب السوريين من إدلب.. رمزية المكان ودلالة الزمان   فيدان: استقرار سوريا جزء من استقرار المنطقة  محافظ درعا يعد بتنفيذ خدمات خربة غزالة الاقتصاد السوري.. المتجدد زمن الإصلاح المالي انطلاق الماراثون البرمجي للصغار واليافعين في اللاذقية محليات دمشق تحتفي بإطلاق فندقين جديدين الثورة - سعاد زاهر: برعاية وزارة السياحة، شهدت العاصمة دم... السفير الفرنسي يزور قلعة حلب.. دبلوماسية التراث وإحياء الذاكرة الحضارية تحضيرات لحملة مكافحة الساد في مستشفى العيون بحلب 317 مدرسة في حمص بحاجة للترميم أردوغان: لا مكان للتنظيمات الإرهابية في مستقبل سوريا  من العزلة الى الانفتاح .. العالم يرحب " بسوريا الجديدة" باراك: نتوقع تشكيل حكومة سورية شاملة قبل نهاية العام أهالي قرية جرماتي بريف القرداحة يعانون من انقطاع المياه "الأمم المتحدة" : مليون  سوري عادوا لبلادهم منذ سقوط النظام البائد  "إسرائيل " تواصل مجازرها في غزة.. وتحذيرات من ضم الضفة   "فورين بوليسي": خطاب الرئيس الشرع كان استثنائياً بكل المقاييس