أكثر من خمسة أشهر مضت على إقرار لجنة السياسات والبرامج في مجلس الوزراء الوثيقة التنفيذية لإصلاح مؤسسات القطاع العام الاقتصادي بما فيها من إيجاد مرجعية إدارية واحدة مهمتها المتابعة والتنفيذ والمراقبة والإشراف على إصلاح هذه المؤسسات ووضعها على السكة الصحيحة مع تأكيد حازم من رئيس الحكومة بأن اصلاح المؤسسات مستمر ولن يتوقف رغم كل التحديات.
مضت الأيام والأشهر والعمل الجدي والفاعل على الأرض لجهة الإصلاح والتطوير الإداري والمالي وتخليص تلك المؤسسات من تراكمات سنوات طويلة من التلاعب بمقدراتها وتفشي الفساد في مفاصلها وتغييب أو حتى ( تطفيش) الكوادر المهنية وتحقيق نتائج ولو في الحدود الدنيا لمؤسسات مهمة واستراتيجية لايزال يخطو خطوات السلحفاة طبعاً مع افتقار القائمين على البرنامج لإرادة التحدي التي تتمتع بها السلحفاة.
و الأمثلة العملية الحاضرة بقوة على كلامنا أكثر من أن نحصيها هنا ولكن نستذكر منها استمرار المشاكل والمعيقات نفسها وآلية العمل التقليدية البعيدة كل البعد عن الأسس والمعايير التي تتطلبها المرحلة الحالية من مرونة وتسهيلات ووجود كوادر كفؤة قادرة على قيادة دفة الإدارة، وإحداث نقلة نوعية في العمل والإنتاج، كما أن الاجتماعات المتخصصة بكل مؤسسة التي تقيمها الحكومة بين فترة وأخرى مرة للنهوض بقطاع الدواجن بعد انتكاسة جديدة فيه ومرة لذراعها التدخلي الضعيف والقاصر كي تضطلع بدورها الكبير والمهم لمصلحة المستهلك، ومرة ثالثة ورابعة للعديد من المؤسسات كلها تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الخطوات التنفيذية المنتظرة لوثيقة إصلاح المؤسسات الاقتصادية العامة غير فاعلة، والأخطر أن تبقى حبراً على ورق كما العديد من الاستراتيجيات والبرامج التي حملت عناوين كبيرة ومنمقة وبقيت ترجمتها وجني ثمارها دون المستوى المأمول.
نعم قد تحمل عملية إصلاح مؤسسات القطاع العام الاقتصادي وغيرها من المؤسسات الكثير من التحديات خاصة في ظل ما تعرضت له من تدمير وتخريب ممنهج، ناهيك عن الحالة المتردية التي عانت منها حتى قبل الحرب التي فرضت على البلد ولكن هذا لا يعني مطلقاً الاستكانة للواقع الراهن والاستمرار بطرح البرامج والخطط دون أن يكون لدينا رؤية واضحة للتنفيذ لاسيما لجهة توفر التمويل اللازم، لا بل يجب أن تشكل حافزاً وتحدياً للمسؤولين للعمل ليل نهار لتفشيل خطة النيل من قوة واقتصاد الدولة والأهم تأكيد مصداقيتها أمام المواطن التي فقدت تقريباً.
هناء ديب
التاريخ: الخميس 1-8-2019
رقم العدد : 17039