في ذكرى 11 أيلول.. تنظيم القاعدة الإرهابي صناعة أميركية

 

لم يعد سراً، ونحن نمر بالذكرى الثامنة عشرة لاعتداءات 11 أيلول، أن الولايات المتحدة الأميركية هي الراعي او الصانع الرسمي لتنظيم القاعدة الإرهابي منذ إنشائه بتعاون أميركي سعودي في أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي بهدف مواجهة المد الشيوعي السوفييتي آنذاك، حتى ظهوره بصورته الجديدة على شكل تنظيمات شديدة التطرف مثل داعش وجبهة النصرة في السنوات الأخيرة، انطلاقاً من العراق، وصولاً إلى سورية وباقي المنطقة، والإنصاف هنا يقتضي القول إن اعتداءات أيلول عام 2001 كانت بمثابة حصاد واشنطن لذلك الزرع الخبيث الذي زرعته يداها، على قاعدة المثل العربي القائل (طبّاخ السم يتذوقه).
في الواقع ليس هناك أكثر من الوقائع والدلائل التي تثبت تورط واشنطن في إنشاء التنظيم الإرهابي المتهم بتنفيذ هجمات 11 أيلول، وإذا تجاوزنا اتهامات الخصوم لواشنطن واكتفينا فقط بالاعترافات والتصريحات والتسريبات الأميركية الخارجة من دهاليز صنع القرار والمطلعة على خفايا السياسة الأميركية المتصلة بهذا الخصوص وعلى قاعدة (من فمك أدينك) سنجد مئات الأدلة والوقائع التي تؤكد هذا الاتهام، وبحسب القاعدة الجنائية المشهورة ــ الاعتراف سيد الأدلة ــ تكون واشنطن قد قدمت الدليل على نفسها، لتؤكد أن كل حروبها المزعومة على الارهاب ما هي إلا محض افتراءات وتضليل بهدف التدخل العسكري في الأماكن التي تروق لها وعلى خلفية ضمان مصالحها وخدمة أطماعها وأجنداتها العدوانية كما جرى في شمال شرق سورية في السنوات الماضية.
ففي كتاب (النوم مع الشيطان) مثلاً لمؤلفه روبرت باير الضابط الميداني السابق في الاستخبارات المركزية الأميركية والذي شغل مناصب أمنية عديدة، وكان ضالعاً في عمليات اغتيال في عدة بلدان بالشرق الأوسط، كشف كمية من الوقائع المتصلة بشراكة أميركية سعودية في تكوين الإرهاب التكفيري ورعايته، محاولاً تقديم الدلائل والاعترافات على مثل هذه الشراكة التي أدت لإنشاء تنظيم القاعدة التكفيري الإرهابي، الذي كانت اعتداءاته مبرراً أميركيا لشن حروب عدوانية في أفغانستان والعراق ومناطق أخرى وصولاً إلى تدخلها في سورية واليمن وليبيا.
يقول باير في فصل من كتابه: تستخدم الولايات المتحدة الإرهاب منذ فترة ليست بالقصيرة، ففي 1978-1979 كان مجلس الشيوخ يحاول تمرير قانون لمكافحة الإرهاب الدولي – لكن كل النسخ التي قدموها كانت تدين الولايات المتحدة بالإرهاب، يضيف في مكان آخر، (نحن من خلق تنظيم القاعدة بهدف محاربة السوفييت في أفغانستان)، وفي هذا الإطار يبرز شهادة لزبيغنيو بريجنسكي مستشار الأمن القومي في إدارة جيمي كارتر يعترف فيها على قناة سي إن إن بأن الولايات المتحدة نظمت ودعمت بن لادن وغيره من مؤسسي (القاعدة) في السبعينيات لمحاربة السوفييت. ويضيف في حوار له أنه في 3 تموز عام 1979 وقع الرئيس جيمي كارتر التوجيه الأول لتقديم مساعدات سرية لمعارضي النظام الموالي للاتحاد السوفييتي في كابول، وفي نفس اليوم، كتبت مذكرة إلى الرئيس شرحت له فيها أن هذه المساعدات، في رأيي، ستحفز تدخلاً عسكرياً سوفييتياً.
وفي شهادة أخرى أيضاً منسوبة لمدير وكالة الاستخبارات المركزية ووزير الدفاع الأميركي الأسبق، روبرت غيتس، اعترف الأخير في مذكراته بأن الولايات المتحدة دعمت من أسماهم (المجاهدين) في السبعينيات وكان يقصد تنظيم القاعدة في أفغانستان، كما أكد أيضاً أن أجهزة الاستخبارات الأميركية بدأت بمساعدة (المجاهدين) في أفغانستان قبل 6 أشهر من التدخل السوفييتي.
وأكدت صحيفة الواشنطن بوست في تقرير لها عام 2002 أن الولايات المتحدة أنفقت ملايين الدولارات لتزويد أطفال المدارس الأفغانية بالكتب المدرسية المليئة بالصور العنيفة وتعاليم المتشددين الإسلاميين ….هذه الكتب التمهيدية، والتي كانت تعج بالحديث عن الجهاد ورسومات البنادق والرصاص والجنود والألغام، أصبحت المناهج الأساسية لنظام التعليم في المدارس الأفغانية. حتى طالبان استخدمت هذه الكتب التي صنعت في أميركا.. يقول الصحفي الأميركي المخضرم روبرت درايفوس: على مدى نصف قرن، اعتبرت الولايات المتحدة والعديد من حلفائها ما أسمّيه (اليمين الإسلامي) شريكاً مناسبا في الحرب الباردة.
يضيف درايفوس: في العقود التي سبقت أحداث الحادي عشر من أيلول، كان الناشطون المتشددون والمنظمات الإسلامية الأصولية من اليمين المتطرف تُعتبر في كثير من الأحيان حلفاء لسببين، أولاً لأنه كان يُنظر إليهم كمعادين شرسين للشيوعية، وثانياً لأنهم كانوا يعارضون القوميين العلمانيين مثل جمال عبد الناصر في مصر ومحمد مصدق في إيران.
ويخلص الكاتب للقول، لو لم تقدم الولايات المتحدة وحلفاؤها الدعم للجماعات الإسلامية العنفية والمتطرفين بدلاً من الجماعات الأكثر سلمية واستقراراً في الشرق الأوسط، لم يكن للإسلام الراديكالي أن ينمو بهذا الشكل الكبير جداً.
عبد الحليم سعود

التاريخ: الأربعاء 11-9-2019
رقم العدد : 17072

 

آخر الأخبار
"ذاكرة اعتقال"..  حلب تُحيي ذاكرة السجون وتستحضر وجع المعتقلين "صندوق التنمية السوري".. خطوة مباركة لنهوض سوريا على كل الصعد من الجباية إلى الشراكة.. إصلاح ضريبي يفتح باب التحول الاقتصادي فضيحة الشهادات الجامعية المزورة.. انعكاسات مدوية على مستقبل التعليم   أزمة إدارية ومالية.. محافظ السويداء يوضح بشفافية ملابسات تأخير صرف الرواتب "صندوق التنمية السوري".. إرادة وطن تُترجم إلى فعل حين تُزوّر الشهادة الجامعية.. أي مستقبل نرجو؟ جامعة خاصة تمنح شهادات مزورة لمتنفذين وتجار مخدرات  وزير الاقتصاد: ما تحقق في"دمشق الدولي" بداية جديدة من العمل الجاد "اتحاد غرف التجارة الأردنية" يبحث تطوير التعاون التجاري في درعا تفعيل دور  الكوادر الصحية بالقنيطرة في التوعية المجتمعية "المرصد السوري لحقوق الإنسان" يقطع رأس الحقيقة ويعلقه على حبال التضليل حملة فبركات ممنهجة تستهدف مؤسسات الدولة السورية.. روايات زائفة ومحاولات لإثارة الفتنة مع اقتراب العام الدراسي الجديد...  شكاوى بدرعا من ارتفاع أسعار المستلزمات المدرسية  برامج تدريبية جديدة في قطاع السياحة والفندقة إلغاء "قيصر".. بين تبدل أولويات واشنطن وإعادة التموضع في الشرق الأوسط دعم مصر لسوريا..  رفض الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية  تطوير التشريعات والقوانين لتنفيذ اتفاقيات معرض دمشق الدولي أزمة المياه تتجاوز حدود سوريا لتشكل تحدياً إقليمياً وأمنياً "كهرباء القنيطرة": الحفاظ على جاهزية الشبكة واستقرار التغذية للمشتركين جهود لإعادة تأهيل مستشفيي المليحة وكفربطنا