لأول وهلة يظن المتابع أن النار التي أشعلها النظام التركي، بأمر وتعليمات الإدارة الأميركية تقترب من الطرفين، وذلك بعد تبادل أولئك الاتهامات عن تعطيل ما يسمى اتفاق المنطقة الآمنة، لأن كتلة من المصالح تجمعهما، وسوف تفرقهما بذات الوقت عند اقتسام (الغنائم)، ولأن لا أمن ولا أمان يشغل بال الجانبين، سوف تكون الرؤية خاطئة، حيث كل ما يهمهما اقتناص المزيد من المكاسب والفرص من ظهر الأزمة التي افتعلوها في سورية، وخاصة أن حربهما العدوانية باتت في خواتيمها، و(الشاطر) منهما من يستطيع السطو والسرقة أكثر.
في الحقيقة ليس هناك أي خلافات بين تركيا وأميركا، لكون ما يحصل الجدل عليه، هو أراضي الغير، وبالتالي مهما احتد النقاش بينهما، فلن يتعدى التصريحات والتهديد الكلامي، لأنهما متفقتان على تقسيم سورية وإطالة أمد البقاء فيها، لإرضاء كل جانب منهما للتنظيم والعصابة التي يحميها ويدير شؤونها ويشد من أزرها لارتكاب المزيد من الجرائم بحق السوريين، ونهب ما تبقى من خيراتهم، حتى أنه لا شك في بعض المواقع أن يكون الطرفان اتفقا على صيغتين واحدة سرية لتحقيق مآربهما، والثانية علنية كي تتماشى مع ردود الرأي العام وملاحظاته وتحفظاته.
إرهابيو (قسد) الذين تتذرع تركيا الدخول والتدخل لمحاربتهم، تدعمهم الولايات المتحدة بقوة، وأولئك حلفاء للكيان الصهيوني الذي تدعمه أيضاً واشنطن، والأخير على علاقات متينة مع تركيا، ما يؤكد أن الأطراف التي تحارب سورية وتريد النيل منها، هي في ظاهر الأمر فقط تختلف عن بعضها، لكنها تسعى في النتيجة لهدف واحد وهو تطويق البلاد، ثم السيطرة أولاً بأول على ما تبقى من دول المنطقة وتأسيس قواعد فيها، تكون منطلقاً لأعمالهم القذرة ومؤامراتهم العدوانية.
إذاً لا أميركا تريد تعطيل ما يسمى بالمنطقة الآمنة، ولا تركيا سوف تخرج عن طاعة مشغلها الأميركي، ولو كان الهدف منها مصلحة اللاجئين والمهجرين، كما يدّعون، وهذا مستبعد تماماً، لنسق أولئك أولاً مع سورية، ولاسيما أن الحديث عن لاجئين منها وإليها، وأراض تخصها، وما يجري يعنيها بالتأكيد قبل غيرها، وبالتالي أي تنسيق دونها غير شرعي وغير مقبول، بل ويثير آلاف التساؤلات، ويدل على النية العدوانية للولايات المتحدة وتركيا، في الوقت الذي لا يحتاج عداؤهما إلى أي قرينة، والوفد الأميركي الذي سيزور المنطقة لتنسيق المؤامرة أكبر شاهد على ذلك.
حسين صقر
huss.202@hotmail.com
التاريخ: الخميس 12-9-2019
رقم العدد : 17073