يدعي أردوغان السلام، ويتباكى على الإنسانية، ويلبس عدوانه عباءة تحقيق الأمن والأمان والاستقرار وإعادة اللاجئين، في الوقت الذي تقوم فيه قواته الغازية ومرتزقته الإرهابيون باحتلال المدن والقرى على الشريط الحدودي، وتدمر المنازل فوق رؤوس ساكنيها المدنيين، وتهجرهم وتقصف المنشآت الحيوية ومؤسسات الدولة والبنى التحتية.
وتدعي إدارة ترامب، رأس الحربة العدوانية في منظومة الإرهاب ضد سورية، أنها تعارض أردوغان وتطالب بإيقاف عدوانه، وتزعم أنها ستدمر اقتصاده إن لم يلتزم بالخطوط المتفق عليها، ثم نراهما يعلنان اتفاقاً يتضمن كل مشاريعهما المشبوهة وأجنداتهما العدوانية في منطقة الجزيرة السورية وشمال سورية.
هدفهما ليس السلام ولا محاربة الإرهاب المزعوم، بل تحقيق أوهام منطقة السراب الآمنة من جهة، وإعادة إنتاج أدواتهما المتطرفة ونقل عناصرها من مكان لآخر تمهيداً لاستثمارها في حروبهما العبثية من جهة أخرى، ونشر المزيد من الفوضى الهدامة لتعويض خسائرهما الإستراتيجية بعد تقدم الجيش العربي السوري في أكثر من منطقة على الخريطة السورية ووأده لمخططاتهما العدوانية.
فما أن مضى يومان على هذا العدوان حتى رأينا واشنطن وهي تشد من أزره وتحميه، وتعقد اتفاقاً مع أردوغان خلال زيارة بنس وبومبيو لتركيا تشجعه فيه على مواصلة العدوان تحت حجج وذرائع كاذبة كمحاربة داعش والإرهاب وتحقيق المنطقة الآمنة المزعومة، مع أن ترامب وأقطاب إدارته غردوا كثيراً بعبارات التهديد والوعيد المزعومة لرئيس النظام التركي كي يوقف عدوانه المذكور.
أزبدوا وأرعدوا وتوعدوا أردوغان بالويل والثبور، ثم سرعان ما قرأنا اتفاقاً بينهما يقول حرفياً « علينا أن ننسق تنسيقاً أوثق على أساس المصالح المشتركة»، وكلنا يعرف ماهية مصالحهما العدوانية المشتركة في احتلال الأراضي ونهب مقدراتها وتشجيع الحركات الانفصالية فيها، ورسم الخرائط كما تشتهي سفنهما الاستعمارية.
قرأنا في اتفاقهما المذكور أن «عمليات مكافحة الإرهاب يجب أن تستهدف فقط الإرهابيين وملاجئ مخابئهم فقط»، وكلنا شاهد على مدى سنوات الأزمة، كيف يستهدفون المدنيين ويدمرون البنى التحتية والمدن والقرى، والرقة أكبر شاهد على جرائمهم بعد أن حولوها إلى ركام، وكل ذلك تحت الذريعة ذاتها، وهي أن عمليات تحالفهم الدولي تستهدف فقط الإرهابيين وأسلحتهم.
كتب أحمد حمادة
التاريخ: الخميس 24- 10-2019
رقم العدد : 17106