تصر أميركا على عزف ذات النغمة النشاز، وذلك فيما يتعلق بإبقاء جزء من قواتها في سورية بحجة محاربة تنظيم ( داعش) الإرهابي، وذلك في تناقض واضح لتصريحاتها حول ما يسمى هزيمة عصاباته، والادّعاء حول مقتل متزعمهم الإرهابي أبو بكر البغدادي الذي أقلقت العالم بمسرحية التخلص منه، بينما الحقيقة إخفاؤه لانتهاء دوره، ورغبتها في تعويم اسم آخر توكل إليه مهاماً قد تختلف في الآلية والتطبيق لكنها تحمل نفس الغاية، وهي ارتكاب الجرائم بحق الأبرياء، وتخريب المناطق والمدن وتدمير القيم الإنسانية والحضارية العربية.
هدف إبقاء واشنطن قواتها في المنطقة لم ولن ينطلي على أحد، ولهذا تروّج أخباراً مفبركة عن عودة (داعش) ونيته ترتيب صفوفه من جديد، وأنه سيشكل خطراً كبيراً على سكان المنطقة، و باتت تتحدث اليوم عما يسمى خليفة البغدادي، وما أطلقه رئيس هيئة الأركان المشتركة لقوات الغزو الأميركي مارك ميلي مؤخراً عن ذاك (الخليفة) ومن هو، وأنه معروف لدى عسكر بلاده، وأنهم يراقبونه عن كثب في انتظار فرصة سانحة لقتله، يؤكد أن مسرحية أميركية أخرى قيد الإعداد يتم تجهيزها بانتظار فرصة العرض.
ما يرشح عن مسؤولي وجنرالات البيت الأبيض يؤكد أيضاً أن المخطط الذي بدأته واشنطن قبل إعلان حربها الإرهابية على سورية، تسعى اليوم لاستكماله عبر إرهابييها، وعملائها لاقتطاع أجزاء من الجزيرة لهم، على أن يبقى أولئك تحت سلطتها ورعايتها، وجعلهم مخلباً تمزق فيه الأرجاء السورية، أسوة بالكيان الصهيوني الذي زرعته والدول الاستعمارية في قلب فلسطين المحتلة، تحركه كيفما تشاء وحسب ما تقتضي مصالحها وحاجاتها.
وما تسعى إليه أميركا أيضاً بالإضافة لسرقة النفط، وإقامة القواعد الدائمة لتنفيذ اعتداءاتها على الدول التي لا تنصاع لإرادتها، إعاقة مشاريع وعمليات إعادة الإعمار التي ستقوم في سورية مع نهاية الحرب، وعرقلة الظروف المساعدة على تحديث البنية التحتية، و إفشال إجراءات عودة اللاجئين الهادفة لممارسة حياتهم الطبيعية، وذلك كله من أجل مواصلة الاستثمار في الأزمة التي افتعلتها بتمويل من الأنظمة التابعة لها والتي تتفيأ بظلها.
حسين صقر
huss.202@hotmail.com
التاريخ: الخميس 14 – 11-2019
رقم العدد : 17122