على مرأى ومسمع العالم المتحضر الذي يدعي الخوف والحرص على الطفولة ، يعود إلينا يوم الطفل مضمخاً بأوجاع الحرب وعذابات الاستهداف الممنهج للشعب السوري من قبل أعداء هذا الوطن الذي مايزال يقاوم بتضحيات وبطولات جيشه الباسل، وبإرادة أبنائه، كل المشاريع الاستعمارية التي تحاول النيل من كرامة ووحدة السوريين ومستقبل أطفالهم.
ودموع التماسيح التي تعودنا أن تذرفها الدول الغربية ادعاءً على حقوق الإنسان تغرق حقوق الطفولة في سورية وكثير من الدول المحيطة ، الطفولة التي تقتلها تلك الدول عبر دعم الإرهاب وتصدير القتل والدمار والخراب الى أوطاننا.
يعود إلينا يوم الطفل شاحباً وقد خلف وراءه كثيراً من الأسئلة الموجعة التي تترك آثارها عميقاً في جرح الذاكرة والضمير الإنساني والحضارة الإنسانية التي برعت بقتل الانسان وتجويعه وانتهاك حرياته وحقوقه تحت راية الدفاع عنها؟!.
الطفولة في سورية كانت المستهدف الرئيس خلال سنوات الحرب الماضية، هذه الحرب التي لاتزال تشنها علينا دول الغرب الاستعماري التي تدعي الديمقراطية والحرية والخوف على حقوق الانسان بشكل عام وحقوق الطفل بشكل خاص، وهذا الاستهداف بدا واضحا على الطفل السوري الذي استهدفته الحرب بكل الاشكال والوسائل ، خصوصا في المناطق التي كانت تسيطر عليها المجموعات الإرهابية التي مارست بحقه كل أشكال العنف والإرهاب والقتل المنهجي المباشر وغير المباشر من خلال الممارسات الإرهابية المتنوعة ولاسيما تجنيده بين صفوفها وإجباره على القتل والعنف والإرهاب بعد عمليات غسل العقول والأدمغة التي كانت وحوش الإرهاب تقوم بها.
ولولا التضحيات والبطولات التي قدمها الجيش العربي السوري لتحرير تلك المناطق من الإرهابيين وإرجاعها الى حضن الوطن لكانت عذابات الطفولة في سورية أضعافاً مضاعفة عما هي الان، حيث سارعت الدولة الى تقديم كل أشكال الدعم والرعاية الى الأطفال الذين عانوا من تلك الممارسات الإرهابية وقامت بتأمين كل متطلباتهم وحاجاتهم الأساسية ، وكثفت حملات الدعم النفسي والمعنوي من أجل تأهيلهم للعودة للحياة بشكل طبيعي.
إن أهم وثيقة في تاريخ العلاقات الدولية المعاصرة التي تحدثت عن حقوق الطفل هي المعاهدة التي صدرت عن الأمم المتحدة عام 1979 وأصبحت نافذة المفعول عام 1990، وتضم (اتفاقية حقوق الطفل) التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع 45 مادة، من بينها أن للطفل الحق والحرية في التعبير، ويشمل هذا الحق حرية طلب جميع أنواع المعلومات والأفكار وتلقيها وإذاعتها، دون أي اعتبار للحدود ، سواء بالقول أو الكتابة أو الطباعة أو الفن، أو بأي وسيلة أخرى يختارها الطفل ، كما تنص بعض المواد على اتخاذ جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية والإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال، كما تعترف الدول الموقعة على الاتفاقية بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطيراً أو أن يمثل إعاقة لتعليم الطفل ، أو أن يكون ضاراً بصحة الطفل أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي ، كما تنص الاتفاقية على أن تتخذ جميع التدابير الممكنة عملياً لكي تضمن ألا يشترك الأطفال اشتراكاً مباشراً في الحرب، ويمتنع عن تجنيد أي شخص لم تبلغ سنه خمس عشرة سنة في قواتها المسلحة.
وتجدر الإشارة الى أن سورية قد سارعت الى المصادقة على اتفاقية حقوق الطفل وجعلتها حيز التنفيذ واتخذت الكثير من الخطوات والقرارات لضمان تنفيذها منها، إعداد التقرير الوطني الأول حول متابعة الاتفاقية في عام 1995 وتشكيل اللجنة العليا للطفولة بموجب القرار رقم (1023) عام 1999، ووضع خطة عمل وطنية لتنفيذ الإعلان العالمي حول حماية الطفل كما عقد المؤتمر الوطني للطفولة في العام 2004 وصدرت عنه عدة توصيات أهمها ، سنُّ التشريعات التي تحمي الطفل من الإيذاء والعنف وسوء المعاملة والاستغلال وتعديل ما يتوجب تعديله من التشريعات الموجودة ، وتطوير مراكز الرعاية الاجتماعية للأطفال وتزويدها بالأطر المؤهلة اللازمة مع التركيز على الرعاية.
فردوس دياب
التاريخ: الجمعة 22-11-2019
الرقم: 17129