صالح علماني يغادر ملتحقاً بماركيز

 الملحق الثقافي:إعداد: رشا سلوم:

 ليس مترجماً عادياً، بل أكثر من ذلك بكثير، صالح علماني عراب أدب أميركا اللاتينية، وناقل الأدب المكتوب بالإسبانية إلى اللغة العربية، على رواياته المترجمة التي نقلها بلغة ثرة رائعة نشأنا وقرأنا، فما من مكتبة منزلية تخلو من ترجماته. أي عمل من آداب أميركا اللاتينية لا يترجمه العلماني يبقى بعيداً عن المكتبة العربية، في سيرة حياته الغنية الكثير مما يمكن الوقوف عنده، لقد أفرد جناحيه والتحق بركب الراحلين، لكنه ترك ما لا يمكن أن يمحوه الزمن، فقد غيبه الموت عن عمر ناهز 70 عاماً.
محطات في حياته
وُلد صالح علماني عام 1949 في مدينة حمص في سورية ونشأ فيها، حيثُ أمضى معظم سنوات طفولته في سورية.
حسب ما تروي الموسوعة العالمية عنه، أنه ذهب لدراسة الطب في برشلونة عام 1970، لكنّه تحول إلى الصحافة ومن ثم لدراسةِ الأدب الإسباني وذلكَ مع صعود تيار الرواية اللاتينية وبروزها عالمياً في تلك الآونة، فصمد سنة واحدة فقط؛ عمل بعدها في ميناء برشلونة واختلط بعالم القاع كأي متشرد. وبينما كان يتسكع في أحد مقاهي برشلونة ذات مساء، قابل صديقاً كان يحمل كتاباً، فنصحه بقراءته. كانت الطبعة الأولى من «مئة عام من العزلة» لغابرييل غارسيا ماركيز. يقول علماني: «عندما بدأت قراءتها، أصبت بصدمة. لغة عجائبية شدتني بعنف إلى صفحاتها. قررت أن أترجمها إلى العربية. وبالفعل ترجمت فصلين ثم أهملتها». ويضيف: «عندما عدت إلى دمشق نسيت الرواية في غمرة انشغالاتي. لكن ماركيز ظل يشدني، فترجمت قصصاً قصيرة له، ونشرتها في الصحف المحلية. ثم ترجمت «ليس لدى الكولونيل من يكاتبه» (1979). لفت الكتاب انتباه الناقد حسام الخطيب، فكتب أن شاباً فلسطينياً يترجم أدباً مجهولاً لقراء العربية. هذه الملاحظة قادتني إلى احتراف مهنة الترجمة. قلت لنفسي: أن تكون مترجماً مُهماً أفضل من أن تكون روائياً سيئاً. هكذا مزقت مخطوط روايتي الأولى من دون ندم، وانخرطت في ترجمة روايات الآخرين».
المسيرة المهنيّة
بدأ صالح علماني عملهُ في وكالة الأنباء الفلسطينية ثم أصبحَ مُترجماً في السفارة الكوبية بدمشق، وعمل في وقتٍ لاحقٍ في وزارة الثقافة السورية وبالضبطِ في مديرية التأليف والترجمة وكذا في الهيئة العامة السورية للكتاب إلى أن بلغَ سنَّ التقاعد عام 2009.
تخصص صالح منذ أواخر السبعينيات في ترجمة الأدب الأميركي اللاتيني، ثمَّ زادت شهرته حينما ترجمَ لأبرز كتاب أميركا اللاتينية بما في ذلك غابرييل غارسيا ماركيز و‌إيزابيل الليندي و‌جوزيه ساراماغو و‌إدواردو غاليانو وآخرين، وتُعدّ رواية «ليس للكولونيل من يكاتبه» أول روايةٍ ترجمها صالح علماني لكاتبها ماركيز والتي حظيت بحفاوة صحافية من صحيفتي النهار والأخبار الأمر الذي شجعه – بحسبه – لأن يستمر في الترجمة.
بعدما ترجمَ عشرات الكُتب عن الإسبانية؛ طالبَ خمسةٌ من أبرز كتّاب أميركا اللاتينية الذين ترجم لهم الحكومة الإسبانية بأن تمنحه الإقامة تكريماً لمنجزه في «نقلِ إبداعات اللغة الإسبانية إلى العربية».
حصل على العديد من الجوائز والأوسمة لعمله من مدرسة المترجمين في توليدو (جزء من جامعة كاستيا لا مانشا، 2013)؛ وسام الثقافة والعلوم والفنون (للكتابة الإبداعية)، الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، (2014)؛ اتحاد الكتاب العرب في طنجة، المغرب وأبو ظبي (2015)؛ جائزة جيرارد كريمونا للترجمة الدولية (2015)؛ وجائزة عبد الله بن عبد العزيز الدولية للترجمة (في فئة الإنجاز الفردي، 2016).
شارك علماني في العديد من المؤتمرات والندوات العربية والدولية حول الترجمة. وأشرف على عدد من ورش الترجمة التطبيقية في الترجمة في معهد سيرفانتس بدمشق.
آراؤه
يرى علماني أن المشكلة أثناء الترجمة في اللهجات الأميركية اللاتينية وليس في اللغة الإسبانية بحدّ ذاتها؛ حيثُ أن تلك اللهجات تختلف من بلد إلى آخر، لكنَّ دراسته الطب ومعرفتهُ بشعوب القارة وأحوال معيشتهم وحكاياتهم وخرافاتهم وآلامهم وموسيقاهم، واطلاعه على تاريخ أميركا اللاتينية بشكلٍ عام ساعدهُ في فهمِ كل الاختلافات.
من ترجماته:
للراوئي غابرييل غارسيا ماركيز: الحب في زمن الكوليرا، قصة موت معلن، ليس لدى الكولونيل من يكاتبه، مئة عام من العزلة، عشت لأروي، ذاكرة غانياتي الحزينات، ساعة الشؤم، الجنرال في متاهة.
للراوئي ماريو بارغاس يوسا: حفلة التيس، دفاتر دون ريغوبرتو، رسائل إلى روائي شاب، في امتداح الخالة، من قتل بالومينو موليرو، شيطنات الطفلة الخبيثة.
للروائية إيزابيل أليندي: إنيس… حبيبة روحي، ابنة الحظ، صورة عتيقة، حصيلة الأيام، باولا.
كتب أخرى: كل الأسماء -جوزيه ساراماغو، انقطاعات الموت -جوزيه ساراماغو، مدينة الأعاجيب -إدواردو ميندوثا، رؤى لوكريثيا -خوسيه ماريا ميرينو، الريح القوية -ميغيل أنخل أستورياس، أوباباكواك -برناردو أتشاغا، كرة القدم بين الشمس والظل -إدواردو غاليانو، عرس الشاعر -أنطونيو سكارميتا، بيدرو بارامو -خوان رولفو، عبده بشور الحالم بالسفن -ألفارو موتيس، النشيد الشامل -بابلو نيرودا.

التاريخ: الثلاثاء10-12-2019

رقم العدد : 977

آخر الأخبار
بين دعم واشنطن وامتناع بكين.. الرحلة الاستراتيجية لسوريا بعد القرار "2799" ما بعد القرار "2799".. كيف قلب "مجلس الأمن" صفحة علاقة العالم مع سوريا؟  خبير اقتصادي ينبه من تداعيات التّحول إلى "الريعية"  قرار مجلس الأمن وفتح أبواب "البيت الأبيض".. تحول استراتيجي في الدبلوماسية السورية  كيف حول الرئيس الشرع رؤية واشنطن من فرض العقوبات إلى المطالبة برفعها؟ ٥ آلاف ميغا واط كهرباء تعزز الإنتاج وتحفز النمو  المعرض الدولي لقطع غيار السيارات.. رسالة نحو المنافسة باستخدام أحدث التقنيات   "صحة وضحكة" .. مبادرة توعوية لتعزيز النظافة الشخصية عند الأطفال من رماد الصراع إلى أفق المناخ.. فلسفة العودة السورية للمحافل الدولية  إنجاز دبلوماسي جديد لسوريا في مجلس الأمن  الرئيس الشرع  في قمة (COP30)  :  إرادة الشعوب قادرة على تجاوز كل التحديات مهما عظمت   "  الخارجية " لـ"الثورة".. مجلس الأمن يعقد جلسة طارئة لرفع العقوبات  "روح الشام" دعم المشاريع الصغيرة وربطها بالأعمال الخيرية الشرع يشارك في فعاليات مؤتمر قمة المناخ (COP30) مصدر مسؤول في "الخارجية": لا صحة لما نشرته "رويترز" عن القواعد الأميركية في سوريا الرئيس الشرع يلتقي غوتيريش على هامش أعمال مؤتمر قمة المناخ (COP30) مبادرة "لعيونك يا حلب" تعيد تجهيز المقاعد المدرسية  الرئيس الشرع يجتمع مع وزير الخارجية الإيطالي على هامش(COP30)  العدالة البيئية كجزء من العدالة الوطنية.. رسالة الرئيس الشرع في COP30 صيانة شوارع السوق التجاري في مدينة درعا