ثورة أون لاين- ناديا سعود – رانيا الزين:
الارتفاع المستمر للمواد بات حديث الشارع السوري، حتى أصبح يعتبرها البعض مشكلة عويصة مستحيلة الحل، في ظل الاستغلال والاستحكام وجشع التجار وقيامهم برفع الأسعار بدون مبرر بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب مستغلين الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد فيمارسون الابتزاز والاحتكار وفرض الأسعار التي ترضيهم دون النظر إلى حالة المواطنين البسطاء، حتى بات لسان حال المواطن السوري يقول إلى متى هذا الحال.
حملة” زكاتك خفض أسعارك”
وفي محاولة للحد من غلاء الأسعار والتخفيف على المواطن السوري قامت وزارة الأوقاف بحملة “زكاتك خفض أسعارك”، التي تشارك من خلالها وزارة الأوقاف في كبح جماح الأسعار المستمرة بالارتفاع، حيث أطلقتها قبل أيام وأنشأت صفحة خاصة للحملة على الفيسبوك.
تصف الوزارة الحملة بأنها ” مبادرة مجتمعية يقوم من خلالها التجار بتخفيض سعر سلعة أو أكثر، أو بيعها بسعر التكلفة لمدة شهر على الأقل، مساهمة منهم في مواجهة الحصار الاقتصادي وإحساساً بمعاناة الفقراء وتحقيقاً للتكافل الاجتماعي”
وقد شاركت وزارة الأوقاف بهذه الحملة أيضا عبر تخصيص شهر معاينة مجانية في جميع عيادات مجمع العثمان الوقفي الطبي الخيري التابع لها اعتبارا من الاثنين 23-12-2019 ولمدة شهر كامل بالإضافة إلى تقديم الدواء وجلسات غسيل الكلى مجاناً وحسومات على التصوير الشعاعي والطبقي المحوري والتحاليل المتوفرة بسعر التكلفة فقط .
حال الأسواق بعد الحملة
أما من ناحية تجاوب السوق مع هذه المبادرة ففي جولة ميدانية لموقع ثورة أون لاين في بعض الأسواق تبين أن هناك موقفاً إيجابياً من هذه المبادرة في منطقة الميدان و هذا يدل على شعور كبير بالمسؤولية الوطنية حيث قام عدد من التجار ببيع كميات من السلع والمواد الغذائية بسعر التكلفة للمواطنين فصاحب إحدى المحال خصص ركنا خاصا للمواد التي سيبيعها بسعر التكلفة مساهمة منه بهذه الحملة فكان سعر الشعيرية والمعكرونة الدولامي (450) ، والعدس المجروش الكيلو الواحد (500) ل.س ، وكيلو الطحين الأبيض (325) ، وكيلو السمنة النباتي (1350) ل.س ، ولتر الزيت ( 1000) ، وشوكولا روبي االسائلة 300غ (775) ، التخفيضات شملت العديد من المحلات التجارية التي قدمت بعض الأصناف بسعر التكلفة ومنها محلات الحلويات على أنواعها فكيلو المشكل يباع (6000) ل.س ، وكيلو العجوة (2000) ل.س ، وكيلو البرازق (3000) ل.س ويقول صاحب المحل أنه قبل هذه الحملة يبيع بسعر التكلفة حرصاً منه على وضع المواطن والظروف المعيشية الصعبة ولكن هذه الحملة التي أطلقتها وزارة الأوقاف عززت هذا الأمر لديه وضمن الإمكانيات سيقدم الدعم والمساندة .
بعض أهالي حي الميدان ممن التقينا بهم قالوا إن بعض باصات النقل الداخلي التي تخدم المنطقة تقوم بنقل الركاب مجاناً لمدة ثلاثة أيام من تاريخ بدئها .
وكان لبعض محال سوق الحميدية حصة في المشاركة بهذه الحملة من حيث البيع بسعر التكلفة حسب ما قاله صاحب المحل، فطقم الصلاة الذي كان (2800) أصبح (2300) و طاقية الأطفال التي كانت (2500) أصبحت (2000) ، ومتوسط سعر علبة العطر (2500) حسب الطلب ‘ وسعرالجزدان الذي كان (4500) ل.س أصبح (3500) ل.س أحد أصحاب محلات بيع الفضة قال لنا أنه خفض أسعاره أكثر من 30% فالخاتم الذي كان يباع (12000) ل.س أصبح (8000) ل.س فنحن نحاول أن نعكس أسعارنا بشكل إيجابي على السوق عسى أن تتسع هذه الحملة لتشمل جميع المحال والتجار. ومن مبادرة أحد تجار البن استطاع إيجاد صنف جديد بسعر 4000 ل.س للكيلو الواحد
ولكن محلات بيع القطنيات لم يشاركوا في هذه الحملة ، فقد قال لنا صاحب محل أن أسعار الغزل والنسيج ارتفعت جدا في الآونة الأخيرة وأصبحت الأسعار غالية على الصناعيين حتى أن تجار القماش يحاسبون على سعر الدولار لذلك لا نستطيع تخفيض الأسعار في الوقت الحالي .
أما في باقي الأسواق كالحمرا والصالحية والشعلان فقد كان تجاوب المحلات التجارية خجولاً ولا يتعدى محلاً أو محلين كمحل لبيع الأحذية في منطقة الصالحية حيث يباع البوط الشتوي النسائي 5000 ل .س والبوط الولادي 2500 . وعندما سألنا أصحاب المحلات عن عدم تجاوبهم مع الحملة قالوا أن الأسعار التي يشترون بها من التجار غالية فليس بإمكانهم تخفيض الأسعار.
أما أسواق جديدة عرطوز وسنتر قمرين كحال اسوق الصالحية والحمرا لم تصل لهم هذه الحملة حتى أن الغلاء هو المسيطر .
“مجمع يلبغا” في منطقة شارع الثورة افتتح يوم الأحد مركزا لبيع الخضار والفواكه والمواد الغذائية والمنظفات بسعر التكلفة حيث يباع في المركز كيلو السكر 390 ل.س والرز المصري 450 ل.س وليتر الزيت النباتي 1050 ل.س وكيلو البرغل 350 ل.س والسمنة النباتية 1050 ل.س للكيلو.
حلول جذرية
جهود مشكورة تلك التي قامت بها وزارة الأوقاف للحد من آثار مشكلة ارتفاع الأسعار لكن الأثر يبدو محدودا والأسعار تعاود للارتفاع كلما سنحت الفرصة ، فالبيع بالسعر الذي تبرع به التجار ليس سعر شرائها فحسب كما قد يظن البعض فالتكلفة تتضمن أنواعاً لا حصر لها من التكاليف الأخرى وهي تشمل جميع ما انفق حتى تصبح تلك السلعة جاهزة للبيع ، فنحن لا نقلل من أهمية ما تقوم به هذه الحملة بل هو ضروري جدا و يشبه المسكنات الضرورية قبل العمل الجراحي ، لكن حتما ليس بديلا عنها فالمشكلة تكمن في هيكل الاقتصاد ذاته وآلية عمله ولابد من عمل جراحي يقوده خبراء لهم تجارب واسعة للخروج بنظرة وحلول اقتصادية استراتيجية وجذرية .